كدح شاهد على ذلك المصير بما فيه من جزاء.
(فَمُلاقِيهِ)
وإذا كانت الحياة سلسلة متواصلة من الكدح والنصب فلما ذا السرور واللهو إذا؟ ولما ذا يبيع الإنسان الآخرة بالدنيا ما دمنا جميعا كادحون. أهل الصلاح والمفسدون كل في طريقه؟ ولعل المفسد يتعرض لكدح أكبر ، لأنه يفقد أمل المستقبل وتوكل المؤمن على ربه ، ويبدو أنّ الإمام زين العابدين يشير الى ذلك حين يقول فيما روي عنه :
«الراحة لم تخلق في الدنيا ولا لأهل الدنيا ، إنما خلقت الراحة في الجنة ولأهل الجنة ، والتعب والنصب خلقا في الدنيا ، ولأهل الدنيا. وما أعطي أحد منها جفنة الا اعطي من الحرص مثليها ، ومن أصاب من الدنيا أكثر كان فيها أشد فقرا ، لأنه يفتقر إلى الناس في حفظ أمواله ، ويفتقر إلى كلّ آلة من آلات الدنيا ، فليس في غنى الدنيا راحة. كلا ما تعب أولياء الله في الدنيا للدنيا ، بل تعبوا في الدنيا للآخرة» (١).
[٧] وشتان بين لقاء المؤمن ربه وغيره. إن المؤمن يلقى ربه ليستلم جائزته بيمينه.
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ)
[٨] يأخذه بفرح بالغ. لقد انتهى الكدح والى الأبد. انها ولادة جديدة ، ومستقبل زاهر.
(فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً)
__________________
(١) تفسير نمونه ج ٢٦ ص ٣٠٤ نقلا عن خصال الصدوق.