فالحساب لا بد منه لكل إنسان إلّا عدد محدود من الصديقين والصابرين ، بيد أن حساب أصحاب اليمين يسير ، فاذا مروا بحسناتهم قبلت. وإذا وجدوا بينها هفوات غفرت ، ولكن الحساب العسير يعني عدم قبول حسناتهم ، وعدم التجاوز عن سيئاتهم.
وفي الخبر المأثور عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : «ثلاث من كنّ فيه حاسبه الله حسابا يسيرا ، وأدخله الجنّة برحمته» قالوا : وما هي يا رسول الله؟ قال : «تعطي من حرمك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عمن ظلمك» (١).
ولعل السبب في ذلك سلامة خطهم العام مما يشفع لهم في الانحرافات الجانبية.
[٩] ويجتمع المؤمنون تحت ظلّ عرش الله ، ينظرون إلى ساحة المحكمة ، وينتظرون رفاقهم الذين ينتهون من الحساب ويلتحقون بجمعهم المبارك ، فاذا أخذ المؤمن كتابه أسرع إليهم مسرورا.
(وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً)
ان هذا السرور يلازم المؤمن منذ خروجه من قبره بسبب صفاته الحميدة ، ولعل أبرزها رضاه عن ربه ، فقد جاء في الحديث عن الصادق عليه السلام : «ومن رضى باليسير من المعاش ، رضى الله منه باليسير من العمل» (٢).
وجاء في حديث مأثور عن الامام الصادق عليه السلام : «إذا بعث الله عز وجل المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه ، كلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال : لا تفرغ ولا تحزن ، وأبشر بالسرور والكرامة من الله جل وعز ، حتى يقف بين يدي الله جل وعز فيحاسبه حسابا يسيرا ، ويأمر به الى
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار ج ٦٩ ص ٤٠٦.
(٢) مجمع البيان ج ١٠ ص ٤٦١.