تدور حتى ترجع الى محلها.
[١٥] وكان ظنه باطلا. فانه ليس يحور فقط ، وانما أيضا يحاسب بهذه من لدن ربّ بصير بشأنه ، محيط علما بظاهر فعله وغيب نيته.
(بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً)
ولأن الإنسان يبرر جرائمه وضلاله عادة ؛ فإن السبيل الوحيد لإصلاحه هو تحسسه برقابة الله عليه ، وأنّه بصير بخبايا قلبه أنى برّر أو نافق.
[١٦] هل راقبت يوما الغروب : كيف تسقط الشمس في الأفق ، وينبسط عليه الشفق ، ويلملم الظلام شمل الطيور في أوكارها ، والوحوش والهوام في بيوتها وجحورها ، والناس في مساكنهم ، وإذا بالقمر يطلع علينا بنور هادئ. انه مثل للأطوار التي يتحول عبرها الإنسان منذ أن كان نطفة في صلب أبيه ، وإلى أن يضمّه التراب في رحمه. انه في رحلة متواصلة ، يركب فيها طبقا بعد طبق ، أفلا نؤمن باننا لسنا مالكي أنفسنا ، وأن من يملك أمرنا أنشأنا لحكمة ، فأين تلك الحكمة لو لم تكن في القرآن؟! أفلا نسجد لربنا حين نتلوا آياته؟! حقا .. إنها حكمة الخلق التي أشارت إليها الآية الكريمة «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» (١).
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ)
لغروب الشمس هيبة في النفوس ، وجلال عظيم ، وان منظر الشمس حين تغرب يثير فينا أكثر من احساس ؛ انه يرسم على الأفق لوحة متحركة ، بارعة الجمال ، ذات ألوان تبهر الألباب ، ولكنه لا يلبث أن يثير فينا الحزن على ينبوع النور الذي بلعه المغيب ولو بصورة موقتّة ، مما يجعلنا نتساءل : ألسنا نحن أيضا ننتظر الغروب عند ما
__________________
(١) الذاريات / ٥٦.