حال .. اننا أيضا سائرون في ذات الدرب ، وعلى هذا جاء في تأويل هذه الآية حديث مأثور عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ انه قال : «لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه» قالوا : يا رسول الله! اليهود والنصارى؟! قال : فمن؟ (١).
وفي حديث عن أبي جعفر ـ عليهما السلام ـ رواه أبي الجارود ، في قوله : «ولا يزال الذين كفروا تصيبهم قارعة» قال : هي النقمة «أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ» فتحلّ بقوم غيرهم ، فيرون ذلك ، ويسمعون به ، والذين حلّت بهم عصاة كفار مثلهم ، ولا يتّعظ بعضهم ببعض ، ولن يزالوا كذلك حتى يأتي وعد الله الذي وعد المؤمنين من النصر ، ويخزي الكافرين (٢).
وهكذا ينبغي للإنسان ان يعي آيات الطبيعة وعبر التاريخ ، ثم ينظر الى نفسه عبرهما حتى يعرف قدرها ، ولا يضيع فرصتها بالغفلة واللهو والانشغال بالتوافه.
[٢٠] دخل ابن أبي العوجاء على الصادق (ع) فلم يتكلم مهابة منه ، فقال له الصادق ـ عليه السلام ـ : «يا ابن أبي العوجاء! أمصنوع أنت أم غير مصنوع؟» قال : لست بمصنوع ، فقال له الصادق ـ عليه السلام ـ : «فلو كنت مصنوعا كيف كنت تكون؟» فلم يحر جوابا ، وقام وخرج.
فعاد إليه في اليوم الثاني فجلس وهو ساكت لا ينطق ، فقال ـ عليه السلام ـ : «كأنك جئت تعيد بعض ما كنّا فيه؟» فقال : أردت ذلك يا ابن رسول الله ، فقال ابو عبد الله الصادق ـ عليه السلام ـ : «ما أعجب هذا! تنكر الله ، وتشهد أني ابن
__________________
(١) المصدر ص ٢٧٩ وذكر في مجمع البيان حديث قريب منه ثم قال : وروي ذلك الصادق ـ عليه السلام ـ راجع مجمع البيان ج ١٠ ص ٤٦٢.
(٢) موسوعة بحار الأنوار ج ٦ ص ٥٥.