رسول الله» فقال : العادة تحملني على ذلك ، فقال له العالم ـ عليه السلام ـ (والعالم هو الامام الكاظم ـ عليه السلام ـ والى آخر الرواية يسميه بالعالم. الظاهر أنه الامام الصادق (ع) نفسه) : «فما يمنعك من الكلام؟» قال : إجلالا لك ، ومهابة ، ما ينطق لساني بين يديك ، فإني شاهدت العلماء ، وناظرت المتكلمين ، فما تداخلني هيبة قطّ مثل ما تداخلني من هيبتك ، قال (ع) «يكون ذلك ، ولكن افتح عليك بسؤال» وأقبل عليه ، فقال له : «أمصنوع أنت أو غير مصنوع» فقال عبد الكريم أبي العوجاء : بل أنا غير مصنوع ، فقال له العالم ـ عليه السلام ـ : «فصف لي لو كنت مصنوعا كيف كنت تكون» فبقي عبد الكريم مليّا لا يحير جوابا ، وولع بخشبة كانت بين يديه وهو يقول : طويل ، عريض ، عميق ، قصير ، متحرك ، ساكن ، كل ذلك صفة خلقه ، فقال له العالم ـ عليه السلام ـ : «فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها فاجعل نفسك مصنوعا لما تجد في نفسك مما يحدث من هذه الأمور» فقال له عبد الكريم : سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ، ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها ، ... الى أن اعترف أخيرا بأن له صانعا ... والحديث طويل أخذنا الشاهد منه.
وقد صاغ المتكلمون الحجة التالية من هذه الحقيقة فقالوا : العالم متغيّر ، وكل متغير حادث ، فالعالم حادث. حقّا ان تطورات الخليقة من حولنا ، وتطورات حياتنا ، وتقلبنا حالا بعد حال (طبقا عن طبق) أفضل سبيل لمعرفة الرب وحكمة خلقه لنا ، ولكن ليس كل الناس يسلكون هذا السبيل لأن بعضهم تراه يكذّب ، ويبني حياته على أساس التكذيب ، فلا تنفعه الحجج ولا المواعظ والعبر.
(فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)