وتأتي هذه الآية في سياق بيان تلك الحقائق المفزعة لعلها تنفض من فؤاد الإنسان رواسب الغفلة والتهاون.
[٢١] حين يتّصل قلب الإنسان بشلّال النور لا تملك جوارحه إلّا الاستجابة لمؤثرات الوحي ، فأيّ قلب واع لا يخضع لهذا الوحي الذي كاد يصدع الجبال الراسيات ، أم أيّة جبهة لا تخر ساجدة على التراب أمام هذه الصعقات المتتالية التي تنبعث من ضمير القرآن.
(وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ)
قالوا : السجود هنا بمعنى التسليم والخضوع للقرآن ، وقال بعضهم : انه السجود المعهود الذي ينبأ عن التسليم النفسي ، وقد اعتبر أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ السجود عند قراءة هذه مندوبا.
[٢٢] انى كانت الحجج الإلهية بالغة فإن الجاحد يظل يعاند ويكذب ، لأنه قد قرّر سلفا عدم التصديق بها ، لذلك فإنّ موقفه لا يعكس ضعفا في الحجة بل انحرافا في نفسه.
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ)
[٢٣] وتكذيبهم الظاهر لا يعكس واقعهم ومدى تأثرهم بالحجة ، إذ أنهم بالتالي بشر ، وتنفذ البراهين الواضحة في أعماقهم ، ولكنّهم يخدعون أنفسهم ويكذّبون بها طلبا لحطام الدنيا ، وبحثا عن لذاتها ، والله سبحانه عليم بأنفسهم ، ويحاسبهم على ما فيها ، وليس على مجرد ما يدعون من أنهم لم يقتنعوا بالحجة.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ)