وهو كلّ إنفاق مستحبّ في سبيل الله (١) الذي لا يضيع عنده عمل عامل أبدا.
(وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ)
في الدنيا والآخرة. وفي الآية إشارة ليس إلى العمل الصالح الذي يمهّد للمؤمنين آخرتهم وحسب ، بل أنّ كثيرا من التوفيقات والبركات التي ينالها الإنسان في الدنيا ، وهكذا المكاره التي تدفع عنه ، ليست إلّا نتائج قائمة على مقدّمات سابقة بادر إليها ، والتي من بينها الإنفاق في سبيل الله ، فالمكروه الذي يرتفع عن المتصدّق إنّما ترفعه صدقته التي قدّمها قبل حدوثه .. فالمنفق في حقيقة الأمر يقدّم بإنفاقه خيرا لنفسه.
(هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً)
حيث يتضاعف خيره وأجره بفضل الله تعالى ، وكيف لا يتضاعف والمجازي ربّ المحسنين؟! بلى. إنّ الصدقة القليلة لا ينحصر خيرها وأجرها في الدنيا ، بدفع الشر عن صاحبها ، وجلب البركة والتوفيق إليه ، بل يمتدّ إلى الآخرة أيضا ، فاذا بالدرهم الواحد يستحيل جنة عالية وحورا ونعيما لا ينقطع ، بل يضاعفه الله يوما بعد يوم.
(وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ)
هناك قال وقد خفّف حكم قيام الليل : «فتاب عليكم» وهنا يأمر المؤمنين بالاستغفار ، ممّا يوحي لهم بأنّ ترك القيام بالليل غير محمود عند ربهم في حال وجود العذر ، فكيف بتركه دونه؟! كما يثير في أنفسهم الشعور بالتقصير ، ومن ثمّ يدفعهم للمزيد من السعي والعمل الصالح والتقرب إليه بالاستغفار.
__________________
(١) لقد مر تفصيل في معنى القرض الحسن في سورة الحديد الآية (١١) فراجع.