قال بعضهم : الشاهد يوم الجمعة بينما المشهود يوم عرفة ، وروي ذلك عن الإمام علي ـ عليه السلام ـ ، وقال البعض : بل كلّ يوم يشهد على الإنسان بما يفعل ، وروي عن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ قوله : «ليس من يوم يأتي على العبد إلّا ينادي فيه : يا بن آدم أنا خلق جديد ، وأنا فيما تعمل عليك شهيد ، فاعمل فيّ خيرا أشهد لك به غدا ، فإنّي لو قد مضيت لم ترن أبدا ، ويقول الليل مثل ذلك» (١).
[٤] أرأيت الذي خلق السماء ذات البروج فلم يدع فيها ثغرة ولا فطورا ، وجعل للناس اليوم الموعود ليجمعهم ويشهدهم على أنفسهم ، أرأيته سبحانه يترك الإنسان يعبث في الدنيا ويقتل عباده المؤمنين بطريقة شنيعة ثم لا يجازيه؟ كلّا ..
(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ)
الذين شقّوا في الأرض أخاديد كالأنهر العريضة ، وملأوها نيرانا تستعر.
قال بعضهم : تلك لعنة أبدية تلاحق الظالمين ، فالقتل هنا كناية عنها.
وقال البعض : بل أنّ أولئك الظالمين قد قتلوا فعلا إذ خرجت شعلة من نيران أخدودهم وأحرقتهم. وربما قتلوا بعدئذ بطريقة أخرى.
المهم أنّهم لم يفلتوا من عذاب الآخرة ، وإن أمهلوا في الدنيا لعدّة أيّام ، ذلك أنّ نظام الخليقة قائم على أساس العدالة ، ولن يقدر الظالم الانفلات من مسئولية جرائمه.
[٥] كانت نيران تلك الشقوق التي صنعوا في الأرض مشتعلة تلتهم الضحايا بسرعة.
__________________
(١) القرطبي ج ١٩ ص ٢٨٤.