(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
[١٠] وشهادة الله ليست للتاريخ فقط ، وإنّما للجزاء العادل ، فإنّه يسوق الطغاة إلى جهنم ذات النار اللّاهبة والعذاب المحرق.
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ)
وهذه حكمة الله في إعطاء الطغاة فرصة الامتحان ، لأنّهم بعملهم هذا فتنوا المؤمنين واختبروا إرادتهم ، حتى ظهر للناس قيمة الإيمان ومعناه ، وكيف أنّه فوق المادّيات ، وأنّ دعوة الرسول وأتباعه ليست من أجل مال أو سلطان. ثم إنّهم فتنوا المؤمنين فخلص إيمانهم من رواسب الشرك ، وخلصت نفوسهم من بقايا الجهل والغفلة ، وخلصت صفوفهم من العناصر الضعيفة ، كما يخلص الذهب حينما يفتن في النار من كلّ الرواسب.
تلك كانت حكمة الرب في إعطاء الجبّارين فرصة ارتكاب تلك المجازر البشعة بحقّ الدعاة إلى الله. ولعل بعضهم عادوا إلى الله وتابوا من فعلتهم ، ولذلك أشار ربّنا بقوله :
(ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ)
وفرق كبير بين عذاب جهنم الأشد الأبقى ، وبين عذاب الأخدود الذي يمرّ كلمح البصر ، ثم ينتهي المعذّبون إلى روح وريحان.
[١١] أمّا أولئك المعذّبون فإنّ الجنّات تنتظرهم.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)