يتجاوز كلّ الحقائق ويسمّيها زورا بالفلسفة العلمية ، ثم يجعل أمام كلّ حق باطلا ، ولكلّ صواب بديلا من الخطأ ، ثم يحكم ـ في زعمه ـ نسج هذه الأباطيل ببعضها ويسمّيها نظرية أو مبدأ ، وإن هي إلّا سلسلة من الأكاذيب.
ومثل هذا الإنسان لا يسهل عليه الخروج من شرنقة الكذب التي نسجها حول نفسه ، ولذلك يتحصّن ضد كلّ العبر والمواعظ حتى ولو كانت في مستوى عبرة العذاب الذي استأصل شأفة فرعون وثمود.
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ)
لأنّهم كفروا بأعظم وأوضح الحقائق (بالله العظيم ورسالاته) ودخلوا في نفق التكذيب فلم يخرجوا منه للاعتبار بمصير فرعون الذي اشتهرت قصته بين أهل الكتاب أو بمصير ثمود الذين عرفت العرب أمرهم.
[٢٠] وهل ينفعهم التكذيب شيئا؟ هل يمنعهم جزاء أعمالهم أو يخدع من يجازيهم فينصرف عنهم؟ كلّا .. لما ذا؟ لأنّ الإنسان يواجه ربّه والله محيط بهم علما وقدرة.
(وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ)
قالوا : وراء الشيء الجهات المحيطة به الخارجة عنه ، فيكون مفهوم الآية أنّ الله محيط بكلّ بعد من أبعاد حياتهم.
وهذا يتقابل مع كونهم في تكذيب.
[٢١] ولكن أينتظرون ما يذكّرهم ويخرجهم من نفق التكذيب أعظم من هذا الكتاب العظيم؟