للطعن فيه والتهرب من مسئولية الإيمان ، وإلّا لتضليل الناس عن طريق الهدى وسبيل الرشاد (الآيات ١٨).
من هنا حقّ لو عذّب الله الكفّار المعاندين باعتبارهم يبارزون ربّ العزة ويحاربون الحق ، وبالذات كبراؤهم والملأ المترفين منهم ، كالحكّام الطغاة ، وأصحاب الثروة ، وأدعياء العلم ، ولذلك يتوعّد الجبّار واحدهم بأشدّ العذاب ، ويؤكّد ذلك لرسوله (ص) وكل رسالي يقف على خط المواجهة وفي جبهة التحدي والصراع ضد الباطل بأنّه سيصليه سقر ، وهي أشد أقسام النار تلظّيا وحرارة ورهبة بحيث لا يمكن لبشر أن يتصوّرها ويدري ما هي ، إلّا أنّ القرآن يشير إلى بعض صفاتها الرهيبة حيث أنّها لا تبقي ولا تذر ، لوّاحة للبشر .. ومنظر آخر مخيف منها يمثّله ملائكة غلاظ شداد النار نفسها فرقة منهم.
إنّهم تسعة عشر .. هكذا يقول الله .. فأمّا المؤمنون فإنّهم تقشعر جلودهم ثم تلين ، وهكذا يزداد خوفهم وتقواهم لمجرد سماعهم قول ربّ العزة ، لأنّ المهم عندهم حقيقة الأمر لا تفاصيله حتى يختلفون في ألوان أولئك النفر الموكّلون بسقر من الملائكة ، ولا في أحجامهم وأوزانهم وعددهم .. كما اختلف الكفّار والذين في قلوبهم مرض ، وفتنوا أنفسهم قائلين : «ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً»؟! فضلّوا عن الهدف والحكمة ألا وهي التذكرة. (الآيات ٢٦).
«كَلَّا وَالْقَمَرِ* وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ» هكذا يقسم ربنا أقساما غليظة عظيمة مترادفة ، ويؤكّد بأنّ القضية كبيرة ومشتملة على موعظة وإنذار عظيمين للبشر لو كانوا يعقلون .. بل إنّها ركيزة أساسية وملحّة للإنسان في مسيرته ومصيره ، وذلك أنّ تقدمه (فردا وأمة) وكذلك تأخّره رهين موقفه من حقائق هذه الذكرى الإلهية للبشر (الآيات ٣٣).