كلّا .. أليس الظاهر القرآني حجّة؟ أوليس هذا القرآن ينادي فينا بالقيام والنهضة للتغيير؟ أو ليس القرآن رسالة الله إلى كلّ إنسان مكلّف؟ أوليس الرسول (ص) أسوة حسنة لنا جميعا .. فقد قام وأنذر وأصلح بذلك مجتمعة وأسّس حضارة الإسلام.
إنّ الطلاق بين الأمة ورسالتها ، وتقليد الشرق والغرب ، وسبات العقل ، وحالة الفردية والتفرق ، والجهل ، والقعود عن الجهاد في سبيل الله ، و.. و.. كلّها خطوات نحو أسوء العواقب ، ويجب علينا أن ننذر أنفسنا وأمتنا من مخاطرها ، وأعظم ما ينبغي التحذير منه هو نسيان الله عزّ وجلّ فإنّه لمّا كان لا مخافة أشدّ من الخوف من عقاب الله كان الإنذار منه أجلّ الإنذار ، كما يقول شيخ الطائفة (١).
وعلّق صاحب الميزان على أمر الله للنبي بالإنذار فقال : والتقدير : أنذر عشيرتك الأقربين لمناسبة ابتداء الدعوة كما ورد في سورة الشعراء (٢) ، والأقرب إطلاق الإنذار ، لأنّ التخصيص لا دليل عليه ، مع أنّ سياق السورة وجوّها العام يوحيان إلى أنّه موجّه إلى الكفّار جميعا ، وهكذا يوجب الإنذار لجميع الناس على كلّ مسلم.
[٣] وبعد الأمر الإلهي بالقيام والإنذار يبيّن القرآن أهمّ الصفات التي يجب توافرها في المنذر ، حتى يكون عند الله منذرا بتمام المعنى ، ولكي تثمر جهوده ومساعيه .. فليس المهم أن ينهض الواحد للجهاد والتغيير وحسب ، بل الأهم أن يؤدّي دوره على الوجه الصحيح والأكمل ، وذلك بالتزامه بخمس صفات في شخصيته ومسيرته :
__________________
(١) التبيان ج ١٠ ص ١٧١.
(٢) الميزان ج ٢٠ ص ٨٠.