الأولى : تكبير الله.
(وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)
إنّ المؤمن حينما يقوم منذرا لله يواجه في طريقه عشرات العقبات النفسية والتحديات الاجتماعية ، كما يواجه القوى المضادة اقتصادية وسياسية واجتماعية ، وواجبه تحديها ورفض الخضوع لها ، إلّا أنّه يجد نفسه عادة أمام أحد خيارين : إما الانهزام وإما التحدي والنصر ، فكيف يسير باتجاه خيار التحدي؟ إنّما يرتكز الإنتصار ذلك على مدى رسوخ توحيد الله في نفسه ، وذلك بأن يكبّره في وعيه ويعظّمه في نفسه قبل أن يكبّره بلسانه ، فآنئذ يصغر كل شيء دونه ، وتتساقط في داخله كل الأصنام. وهذا هو سر انتصار المؤمنين على العقبات والتحديات والضغوط والقوى المضادة. وإنّها لصفة أصيلة فيهم يصفها الإمام أمير المؤمنين (ع) بقوله : «عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم» (١) ، وعلى ضوء هذه المعادلة يجب أن نفهم معنى التكبير في حياتنا الفردية والاجتماعية والسياسية.
وإنّما تتعمّق هذه الحقيقة في وعي الإنسان بالمعرفة السليمة بالله ، وأنّه الكبير المتعال ، وأنّه فوق أن يوصف أو ترقى إلى ذاته كلمات البشر أو تصوّراته ، ولهذا ورد في معنى (الله أكبر) عن أئمة الهدى ـ عليهم السلام ـ أنّه أكبر من أن يوصف (٢) ، وفيما يلي ننقل رواية تبيّن نورا من أنوار عظمة الله عزّ وجلّ : روى الإمام الصادق (ع) عن جدّه المصطفى ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : والأشياء كلّها في العرش كحلقة في فلاة ، وإنّ لله تعالى ملكا يقال له «خرقائيل» له ثمانية عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ، فخطر له خاطر : هل فوق العرش شيء؟ فزاده الله تعالى مثلها أجنحة أخرى ، فكان له ست وثلاثون ألف
__________________
(١) نهج البلاغة خ ١٩٣ ص ٣٠٣.
(٢) الميزان ج ٢٠ ص ٨٠.