جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ، ثم أوحى الله إليه : أيّها الملك طر ، فطار مقدار عشرين ألف عام لم ينل رأس قائمة من قوائم العرش ، ثم ضاعف الله له في الجناح والقوة ، وأمره أن يطير فطار مقدار ثلاثين ألف عام لم ينل أيضا ، فأوحى الله إليه : أيّها الملك لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك وقوّتك لم تبلغ إلى ساق عرشي! فقال الملك : سبحان ربي الأعلى فأنزل الله عزّ وجلّ : «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» فقال النبي : اجعلوها في سجودكم (١).
ولعل من مفاهيم تكبير الله أن يسعى الإنسان المؤمن لتحطيم كيان الضلال والكفر ، كي تتهاوى الأنظمة والمعادلات الاستكبارية ، وتبقى كلمة الله هي العليا في الواقع السياسي والاجتماعي ، ويكون هو الأكبر في نفوس الناس ووعيهم ، وتكبّره ألسنتهم بالغدوّ والآصال ، قال الفخر الرازي : وهكذا تنبيه على أنّ الدعوة إلى معرفة الله ومعرفة تنزيهه مقدمة على سائر أنواع الدعوات (٢) ، والذي يريد أن يدعو الناس إلى التوحيد يجب عليه أن يسقط كلّ الأصنام في نفسه بالتكبير أوّلا ، ثم يقدم نفسه نموذجا حقيقيّا لرسالته ، فإنّ ذلك يعظّم الله ويكبّره في نفوس الآخرين. ومن معاني تكبير الله أن يتجرد الفرد الرسالي في دعوته لربه ، فلا يتخذ رسالته وسعيه وسيلة لتكبير أحد دونه ، كالحكومات الجائرة ، أو الذات والعشيرة والقومية .. كما يصنع علماء السوء الذين يتخذون الدين ذريعة لمصالحهم وتضخيم أنفسهم في المجتمع.
الثانية : تطهير الثياب.
(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ)
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار ج ٥٨ ص ٣٤.
(٢) التفسير الكبير للرازي / ج ٣٠ ص ١٩١.