٣ ـ وقيل أنّ البدن من مصاديق الثياب باعتباره ثوب الروح ووعائها ، وقيل معناه : ونفسك فطهّر من الذنوب ، والثياب عبارة عن النفس (١) ، يقال : طاهر الثياب أي طاهر النفس منزّه عن العيب ، ودنس الثياب أي خبيث الفعل والمذهب (٢).
ولعلّ التكبير هو عنوان الطهارة الباطنية ووسيلتها ، وأمر الله بتطهير الثياب بعد الأمر بالتكبير يهدينا إلى ضرورة الطهارتين الباطنية والظاهرية عند الداعية الرسالي ، فإنّ الآخرين وبالذات المغرضين منهم قد لا يجدون ثغرة في رسالة المؤمن ومبادئه وحتى شخصيته الذاتية ولكنّهم يجدون بعض الثغرات في مظاهره (ثيابه) يطعنونه من خلالها ، ويشوّهون شخصيته وسمعة رسالته عبرها.
الثالثة : مقاطعة الباطل مقاطعة تامة وشاملة :
(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)
أي اقطع صلتك به. واختلف في الرجز فقيل : هو الأصنام والأوثان عن ابن عباس ، وقيل : المعاصي عن الحسن ، وقيل معناه : جانب الفعل القبيح والخلق الذميم ، وقيل معناه : أخرج حبّ الدنيا من قلبك لأنّه رأس كلّ خطيئة (٣) ، وقيل : اهجر ما يؤدّي إلى العذاب (٤) ، وقال الرازي : الرجز العذاب ، قال الله تعالى : «لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ» أي العذاب ، ثم سمّي كيد الشيطان رجزا لأنّه سبب للعذاب ، وسمّيت الأصنام رجزا لهذا المعنى ، فعلى هذا القول تكون الآية
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٨٥.
(٢) المنجد مادة ثوب.
(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٨٥.
(٤) التبيان ج ١٠ ص ١٧٣.