فهي تبعثهم للوقوف بين يدي جبّار السموات والأرض للحساب والجزاء. ولا ريب أنّ النفخة التي يعقبها الحساب أعسر من الأخرى التي تميت الناس فقط.
وقد يكون التعبير مجازيا أيضا ، بحيث يصير النقر في الناقور كناية عن يوم الانتقام .. كما نقول قرعت طبول الحرب.
(فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)
فهو يوم عسر مطلق لا يسر فيه على الكافرين ، أمّا المؤمنون فإنّهم مخصوصون بلطف الله ورحمته ، ممّا يهدينا إلى أنّ الجزاء والانتقام الإلهي قائم على أساس الحكمة والتدبير الدقيق. ومن الآيتين مجموعة يتبيّن أنّ ذلك اليوم بذاته عسير جدا لما فيه من أحداث ومواقف عظيمة لو لا أنّه تعالى ييّسره على المؤمنين.
وحضور ذلك اليوم في وعي المؤمنين ، وبالذات الطلائع والقيادات الرسالية الذين يخوضون الصراع ، ويواجهون آلاف الضغوط والتحديات ، من شأنه أن يثبّتهم على الطريقة ، ويصبّرهم على الأذى في جنب الله ، إذ لا يخشون الفوت فيستعجلوا ، بل هم على يقين بأنّ في ضمير المستقبل يوم انتصار على الأعداء وانتقام حتميّ منهم للحق ، وأنّ السبيل لدفع عسره تجرّع آلام الجهاد من أجل الحق ، والصبر لله في الحياة الدنيا.
[١١] وليس بالضرورة أن يتحقّق هذا الوعد غدا أو بعد غد ، وليس صحيحا أن نشكّك فيه لو تأخّر عنا قليلا ونترك الجهاد في سبيل الله ، أو إنذار الكفّار .. كلّا .. فإنّ تدبير الأمور بيد الله ذي الحكمة البالغة والعلم المحيط ، وخطأ أن يعترض أحد على تقديراته ، بل يجب أن نسلّم له تسليما مطلقا بأنّه يفعل ما فيه الخير والصلاح ، أمّا نحن فقاصرون عن إدراك حكمة كلّ قضاء وقدر ، فلعلّه آخر طاغية يتسلّط على رقاب الناس ، ويعيث الفساد في الأرض ، أو جعل أمر شعب من