لحكمة بالغة. والمال الممدود هو الكثير والمتنامي ، قال الطبرسي في المجمع : ما بين مكة إلى الطائف من الإبل المؤبّلة ـ المجمّعة ـ والخيل المسوّمة ، والنعم المرحلة ، والمستغلّات التي لا تنقطع غلّتها ، والجواري والعبيد والعين الكثيرة ، وقيل : الذي لا تنقطع غلّته عن سنة حتى يدرك غلّة سنة أخرى فهو ممدود على الأيّام ، وكان له ـ يعني الوليد ـ بستان بالطائف لا ينقطع خيره في شتاء ولا صيف (١).
(وَبَنِينَ شُهُوداً)
إذا كان له عشرة أولاد «شهودا» حضورا معه بمكة ، لا يغيبون لغناهم عن ركوب السفر للتجارة (٢). وقد كانت كثرة الأولاد ـ الذكور بالذات ـ تعدّ من أكبر النعم في ذلك العصر بالخصوص بسبب العادات والظروف الاجتماعية والأمنية الحاكمة. أضف إلى ذلك أنّ مشيهم مع والدهم وسيدهم يعطيه عزة وهيبة بين الناس ، فكيف إذا كان نفسه شيخ عشيرة وصاحب جاه وثروة؟! وإلى هذا المعنى أشار الرازي فقال : إنّهم رجال يشهدون معه المجامع والمحافل (٣).
وكلمة «بنين» شاملة تتسع لأكثر ممّا تتسع إليه كلمة الأولاد ، فهي تشمل الأولاد من الصلب ، والأولاد بالتبنّي ، والأتباع ، لأنّ بين التابع والمتبوع علاقة التبنّي ذات الطرفين ، وما أكثر أولئك المصلحيّين الذين تحلّقوا حول الوليد ، ولا يزالون يتبعون المترفين طمعا في أن يصيبهم فتات من طعامهم.
ثم أنّه تعالى حيث أراد به كيدا فتح عليه أبواب الخيرات كي يلقاه في الآخرة وما له من خلاق ، فبالإضافة لنعمتي المال الممدود والبنين الشهود بسط له من فضله ما مهّد به سبل العيش الرغيد وذلل العقبات.
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٨٧.
(٢) المصدر.
(٣) التفسير الكبير ج ٣٠ ص ١٩٨.