ولا يشبه بعضه بعضا ، قال : أفشعر هو.؟ قال : لا. أما أنّي قد سمعت أشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها وما هو بشعر ، قال : فما هو؟ قال : دعني أفكّر فيه ، فلمّا كان من الغد قالوا : يا أبا عبد الشمس ما تقول فيما قلناه؟ قال : قولوا هو سحر فإنّه أخذ بقلوب الناس (١). لقد انتهى به تفكيره القائم على أساس العناد إلى هذه النهاية الخاطئة ، فتفوّه بهذا الباطل ، وكان من الممكن أن يوصله العقل إلى ساحل الأمن والهدى ، ولكنّه لم يفكّر ويقدّر حينما فكّر وقدّر بمنهجية موضوعية ومنطلقات سليمة ، إنّما مارس كلّ ذلك بهدف تضليل الآخرين ، وتبرير ما هو عليه من الباطل والضلال لنفسه أمام وجدانه أولا ثم للناس المغرورين به ، فأوقع نفسه في الشقاء ، واستحقّ بذلك اللعنة والعذاب.
(ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ)
وتكرار اللعنة بالقتل عليه دلالة على استحقاقه ضعفا من العذاب ، الأول على عناده الآيات الربانية ، والآخر على اتباعه هواه وبنات فكره بدل تشريع الله ، أو يكون أحدهما جزاء التفكير المنحرف ، والثاني جزاء التقدير الخاطئ. قال العلّامة الطبرسي : هذا تكرير للتأكيد ، أي لعن وعذّب ، وقيل : لعن بما يجري مجرى القتل ، وقيل : معناه لعن على أيّ حال قدّر ما قدّر من الكلام ، كما يقال : لأضربنه كيف صنع ، أي على أيّ حال كان عليه (٢).
بلى. إنّ الناقد المنصف لا يستطيع إلّا التسليم بصدق الرسول ، وأنّ الرسالة حق ، ولكنّ الوليد وأمثاله من المترفين وأعداء الحق لم يكونوا كذلك ، بل سعوا إلى الانتقاد عبر منهجية خاطئة تتركّز على العزّة بالإثم ، والمواقف العدائية السابقة ،
__________________
(١) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٩٣.
(٢) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٨٨.