وهذه من المؤثرات السلبية على نتيجة أيّ بحث وتفكير ، ولعلّ السبب يعود إلى حالتهم الاجتماعية إذ هم من المستكبرين الذين يبنون كيانهم على أساس الظلم واستثمار المحرومين وقهر المستضعفين ، فأنّى لهم القبول بقيادة ربّانية تفتخر بأنّها من الفقراء ، وتسعى من أجل إسعاد المحرومين ، وتحرير المستضعفين من نير المترفين.
(ثُمَّ نَظَرَ)
والأقرب أنّ النظر هنا بمعنى إعمال الفكر والبصر ، فإنّ الطغاة المستكبرين حينما يريدون تضليل الناس عن الحق يفكّرون ويقدّرون أولا ثم ينظرون مفتّشين عن ثغرات وأساليب لبثّ أفكارهم وتقديراتهم ونشرها بين الناس ، فوسائل الاعلام المضللة من إذاعات وتلفزة وصحافة وحتى وسائل التثقيف والتربية التي تروّج ثقافة الباطل ، وتبثّ الإشاعات ضد المؤمنين والقيادات الرسالية .. إنّها لا تتحدث اعتباطا ، بل هناك وراء القناع خبراء إعلاميون ونفسيون وسياسيون و.. و.. يخطّطون للتضليل ، وهذه سمة للأنظمة الفاسدة .. فإلى جانب فرعون كان هامان وجنود كثيرون متخصصون في كلّ في جانب من الجوانب ، ومن قصة قريش وأبي جهل مع الوليد يتضح أنّه من قياداتهم وعقولهم المدبّرة ، وهناك إشارات إلى هذا التفسير وجدتها لدى بعض المفسرين ففي البصائر : أي نظر في وجوه قومه (١) ، وفي الميزان : أي ثم نظر بعد التفكير والتقدير نظر من يريد أن يقضي في أمر سئل أن ينظر فيه (٢).
وبعد أن اختمرت الفكرة الشيطانية في رأسه بدأ حركته نحو الإنتاج والإخراج كي تكون أمضى أثرا في نفوس الآخرين ، فإذا بكلّ ملامحه مشحونة بأمارات الحقد
__________________
(١) البصائر ج ٥٠ ص ٣٦٢.
(٢) الميزان ج ٢٠ ص ٨٧.