والغيظ على الرسالة والرسول (ص).
(ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ)
وهذه المظاهر الخارجية وأخرى غيرها ملامح لحالات نفسية من الحقد والعناد يعكسها القرآن بأسلوبه التصويريّ البديع ، وإنّها لطبيعة في الإنسان أن تبدو على مظهره علامات مخبره بحيث يقول علماء النفس أنّك تستطيع قراءة داخل الإنسان بمظاهره ، وفي الحديث الشريف قال أمير المؤمنين (ع) : «ما أضمر أحد شيئا إلّا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه» (١).
قال القمي : العبوس للوجه ، والبسور إلقاء الشدق (٢) ، وعن قتادة قال : قبض ما بين عينيه وكلح (٣) ، وفي فقه اللغة للثعالبي : إذا زوي ما بين عيني الرجل فهو قاطب عابس ، فإذا كشّر عن أنيابه مع العبوس فهو كالح ، فإذا زاد عبوسه فهو باسر مكفهر (٤) ، وذكر اللغويون الاستعجال كواحد من معاني البسور يقال : بسر الغريم أي تقاضاه قبل الأجل ، وبسر الدمّل : عصره قبل نضجه ، وبسر الفحل الناقة قبل الضبعة أي قبل أن تطلب اللقاح (٥) ، فكان الباسر في وجه أحد يستعجل به الأذى والشر ، وبذلك قال الراغب في مفرداته (٦).
وقد تعبّر عن العبوس والبسور المفردات والتصرفات التي تصدر عن الإنسان بقلمه وفيه ومواقفه ، فالطاغوت قد يعبّر عن عبوسه وبسورة وجهه ، وقد تظهر في قمعه
__________________
(١) نهج البلاغة حكمة ٢٦ ص ٤٧٢.
(٢) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٩٤ بتصرف.
(٣) الدر المنثور ج ٦ ص ٢٨٣.
(٤) فقه اللغة للثعالبي ص ١٤٠.
(٥) البصائر ج ٥٠ ص ٢٨٠ وإلى مثله ذهب صاحب المنجد.
(٦) مفردات الراغب مادة بسر.