الجنوني للمعارضة والجماهير ، وما يقصّه القرآن الكريم عن الوليد بن المغيرة ليس إلّا شاهدا على طبيعة الموقف الذي يتخذه المترفون في كلّ مكان وزمان ضد الدعوات الإصلاحية ، فإنّهم باعتبارهم بؤرة الفساد في المجتمع أول المتضررين بهذا التغيير ، ولهذا يكونون طليعة المعارضة للحق.
(ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ)
بلى. إنّه فكّر في الموقف من الرسالة ، كان يريد الوصول إلى أفضل طريقة للمعارضة والتضليل .. بل وتبرير كفره أمام عقله وضميره ، ولكنّه كلّما أعمل فكره ونظره كلّما تجلّت له الحقيقة وعاد بصره خاسئا وهو حسير ، وكان من المفروض أن يقبل على الإيمان بالحق ، ويتواضع له عن مراتب النفور والاستكبار والاعتزاز بالإثم ، إلّا أنّه أصرّ على الكفر من لحظته الأولى فازداد إدبارا ، وحيث اختار موقف الكفر فكّر مرة أخرى لتبرير موقفه من الحقّ المبين ، فما وجد تهمة أصلح ـ في نظره ـ من قذف الرسالة بالسحر.
(فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ)
ولكلمة «يؤثر» هنا معنيان ربما أرادهما السياق معا :
الأول : ينقل عن الآخرين ، وقد اتفق أكثر المفسرين عليه ، أي يؤثره عن غيره من القوى القادرة عليه كالسحرة والشياطين ، من قولهم : اثرت الحديث اثره أثرا إذا حدّثت به عن قوم في آثارهم ، ومنه قولهم : حديث مأثور عن فلان.
الثاني : تميل إليه النفوس وتفضّله على غيره ، قال في المجمع : وقيل هو من