أنّه يستطيع إلى ذلك سبيلا ، وغاب عنه أنّ معجزة القرآن أعظم من أن يحجب نورها تقدير الإنس والجن لو تظاهروا ، فكيف بجاهل سفيه كالوليد بن المغيرة؟! «ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ»؟!
من هنا فشلت كلّ جهوده ومساعيه الرامية إلى تضليل الناس عن الحقّ وحجبهم عن نوره ، بل وحكم على نفسه بتفكيره وتقديره الخاطئين بالخسارة وباللعنة التي خلّدها القرآن في الأجيال بعد الأجيال في الدنيا ، وجرّ نفسه إلى الهلاك والعذاب المهين في الآخرة ، وأعظم منه غضب الله الذي توعّده بسقر فقال :
(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ)
قال في التبيان : أي ألزمه جهنم ، والاصطلاء إلزام موضع النار .. وأصله اللزوم (١) ، وصلى الكفّار بالنار جعلها أكثر وأشد مساسا بهم ، قال الإمام الصادق (ع) : «ان في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر ، شكا إلى الله عزّ وجلّ حرّه ، وسأله أن يأذن له أن يتنفّس فتنفّس فأحرق جهنم» (٢) ، وعن ابن عباس قال : سقر أسفل الجحيم ، نار فيها شجرة الزقوم (٣) ، وإنّها من رهبتها وما تتميّز به من الصفات لا يستطيع بشر أن يتصوّر مداها ويعي حقيقتها.
(وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ)
وفي هذه الصيغة استثارة للإنسان نحو السعي إلى المعرفة ولو بصورة إجمالية ، والقرآن يبيّن بعض صفات سقر فيقول :
(لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ)
__________________
(١) التبيان ج ١٠ ص ١٨٠.
(٢) نور الثقلين ج ٥ ص ٤٥٧.
(٣) الدر المنثور ج ٦ ص ٢٨٣.