العلم ، قال تعالى : «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ» (١) ، فالراسخون في العلم ـ غير أهل البيت ـ قد لا يدركون تأويل بعض الآيات ولكنّهم لا يكفرون بها ، فذلك ليس من منطق العقلاء وأصحاب الألباب ، وإلّا لكان الكفر بالله أولى من كلّ شيء لأنّنا قاصرون عن إدراك كنهه ومعرفة ذاته!
إنّ في قلوب الكفّار والمشركين لمرضا عضالا هو كفرهم بالله ، وذلك الكفر الذي تأباه عقولهم وفطرتهم ومن ثمّ اتباعهم الباطل بصورة مفضوحة ، ولذا فإنّهم يبحثون دائما عمّا يبرّر لهم هذا الموقف ، فإذا بهم يختلفون في عدد الملائكة وألوانهم وأشكالهم ، بدل أن يسلّموا لآيات الذكر الحكيم. وما ذا ينفعهم الاطّلاع على ذلك؟ هل ينجيهم من عذب النار؟ كلّا ..
(وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا)
فهي من جهة تزيدهم ضلالا ونفورا ، ومن جهة أخرى تظهر حقيقة معدنهم وشخصيتهم ، كما تظهر النار طبيعة المعدن ذهبا وغيره ، بينما ترفع هذه الآية وما تبيّنه من حقيقة المؤمنين درجة رفيعة في الإيمان .. حيث اليقين والتسليم بآيات الله ووعوده.
(لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)
قيل هم اليهود والنصارى ، وسبب استيقانهم أنّه مذكور في كتابهم (التوراة
__________________
(١) آل عمران ٧.