الشيطان ، وأقبل سليمان يقول : يا أيها الناس ، أنا نبيّ الله ، فدفعوه أربعين يوما ، فأتى أهل سفينة فأعطوه حوتا فشقها فإذا هو بالخاتم عينها ، فتختم به ، ثم جاء فأخذ بناصية الشيطان وعند ذلك (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(١) وكان أول من أنكره نساؤه فقلن بعضهن لبعض : تنكرن ما ينكرن؟ فقلن : نعم ، فكان يأتيهن وهن حيّض.
قال علي بن زيد بن جدعان فذكرت ذلك للحسن فقال : ما كان الله ليسلطه على نسائه.
أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، نا أبو بكر أحمد بن علي ، أنا محمّد بن أحمد بن رزقويه ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا ابن سمعان ، وابن إسحاق وغيرهما بإسنادهم في ذكر فتنة سليمان عليه [السلام](٢) قالوا : إن الناس شكوا إلى سليمان شدة ما يلقون من شدة الطحن (٣) بأيديهم ، فجمع سليمان الجن والشياطين فذكر ذلك لهم ، قال لهم : هل من حيلة في هذا الطحن ، وفي أن تتخذوا له آنية أشرب فيها أرى من حولي؟ فإنه قد بلغني أن بعض الجن إذا أنا شربت وسترني الإناء منهم غمز بي قالوا : يا رسول الله إن هذا لشيء ما نطيقه ، ولكنه قد تمرّد عفريت من عفاريت الشياطين ، وهو في جزيرة من جزائر البحر فإن قدرنا عليه صنع هذا كله ، قال (٤) : احتالوا حيلة تأتوني به. قال : فانطلقوا إليه فأعلموه أن سليمان قد هلك ، وأن الأرض قد بقيت لهم. فلما اطمأنّ إليهم أخذوه فأوثقوه بالحديد ، ثم جاءوا به إلى سليمان ، فلما أدخل عليه أراه الخاتم ، فأذلّه الله عزوجل له فقال له سليمان : يا صخر ، إني هممت بقتلك لفرارك مني ، وبلغني رفقك وصنائعك ، فأنا أحب أن تتخذ للناس شيئا يستريحون به مما يلقون من الطحن بأيديهم ، وأتخذ لي آنية أشرب فيها فلا تحول بيني وبين النظر إلى الناس. قال : نعم يا رسول الله ، أعنّي بطائفة من الجن ، فأعانه بما أراد فلم يدع قرية إلّا نصب فيه رحى يطحن أهل البيت في اليوم والليلة ما يكفيهم سنة ، ووجد الناس من ذلك فسمّوها لمكان الراحة الرحى
__________________
(١) سورة ص ، الآية : ٣٥ وفي التنزيل العزيز : «ربّ اغفر لي وهب لي ...».
(٢) زيادة لازمة عن م.
(٣) بالأصل وم : الطحين ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ١٠ / ١٣١.
(٤) في م : قالوا.