قال : وأنا إسحاق ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن قال :
إن صخرا أمسك الخاتم أربعين يوما ، فمن ثم دانت له الجن والإنس ، وعطفت عليه الطير والوحش. فلما أنكر آصف وعظماء بني إسرائيل حكم عدو الله الشيطان في تلك الأربعين يوما ، قال آصف : يا معشر بني إسرائيل هل رأيتم من خلاف حكم ابن داود ما رأيت؟ قالوا : نعم ، فعمد عند ذلك صخر فألقى بالخاتم في البحر فاستقبله جرّيّ (١) فابتلع الخاتم فصار في جوفه مثل الحريق من نور الخاتم فاستقبل جرّيه الماء فوقع في شباك الصيادين الذين كان سليمان معهم ، فلما أمسوا قسموا السمك ، فأسقطوا الجرّي فجعلوه لسليمان ، فذهب به إلى أهله فأمرهم أن يصنعوه ، فلما شقوا بطنه أضاء البيت نورا من خاتمه ، فدعت المرأة سليمان فأرته الخاتم فتختم به ، وخرّ لله ساجدا ، قال : إلهي لك الحمد على قديم بلائك ، وحسن صنيعك إلى آل داود ، إلهي أنت الذي ابتدأتهم بالنعم وأورثتهم الكتاب والحكم والنبوة ، فلك الحمد ، إلهي تجود بالكثير وتلطف بالصغير ، إلهي فلك الحمد ، نعماؤك ظهرته فلا تخفى وبطنت فلا تحصى ، فلك الحمد ، إلهي تجود بالكثير وتلطف بالصغير ، لم تسلمني بذنوبي فلك الحمد ، تغفر الذنوب وتستجيب الدعاء فلك الحمد ، إلهي لم تسلمني بجريرتي فلك الحمد ولم تخذلني بخطيئتي فلك الحمد فتمم إلهي نعمتك عليّ واغفر لي ما سلف ، (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)(٢) فذلك قوله : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ)(٣).
أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفّر ، أنا أبي أبو سعد المظفّر بن الحسن بن المظفر ، أنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس (٤) ، أنا أبو جعفر محمّد بن إبراهيم بن عبد الله الدّيبلي ، نا أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرّحمن ، نا سفيان ، عن ابن جريج عن مجاهد :
أن سليمان عليهالسلام قال للشياطين : كيف تضلّون الناس؟ فقال له شيطان :
__________________
(١) الجري كذميّ سمك معروف (القاموس).
(٢) سورة ص ، الآية : ٣٥.
(٣) سورة ص ، الآية : ٣٤.
(٤) بالأصل : قواس ، والصواب ما أثبت عن م.