أبو علي محمّد بن الحسين ، أنبأ المعافا بن زكريا القاضي (١) ، نا محمّد بن القاسم الأنباري ـ إملاء من حفظه ـ سنة ست وعشرين وثلاثمائة ، حدّثني محمّد بن المرزبان ، نا محمّد بن سعيد بن صالح اليشكري ، نا محمّد بن مجيب (٢) المازني ، حدّثني أبي قال : [لما](٣) قدم سليمان (٤) بن علي البصرة واليا عليها قيل له إن بالمربد (٥) رجلا من بني سعد ، مجنونا سريع الجواب لا يتكلم إلّا بالشعر ، فأرسل إليه سليمان بن علي قهرمانه (٦) فقال له : أجب الأمير ، فامتنع فجرّه وزبره (٧) وخرّق (٨) ثوبه ، وكان المجنون يستقي على ناقة له ، فاستاق القهرمان الناقة وأتى بها سليمان بن علي. فلما وقف بين يديه قال له سليمان : حياك الله يا أخا بني سعد فقال :
حيّاك رب الناس من أمير |
|
يا فاضل الأصل عظيم الخير |
إني أتاني العاشق (٩) الجلواز |
|
والقلب قد طار به اهتزاز (١٠) |
فقال سليمان : إنما بعثنا إليك لنشتري ناقتك فقال :
ما قال شيئا في شراء الناقة |
|
وقد أتى بالجهل والحماقة |
فقال : ما أتى؟ فقال :
حرّق سربالي (١١) وشق بردتي (١٢) |
|
وكان وجهي في الملا وزينتي (١٣) |
__________________
(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ١ / ١٨٥ للمعافى بن زكريا ، وفي عقلاء المجانين لأبي القاسم الحسن بن حبيب ط بيروت ص ٢٦٩.
(٢) في الجليس الصالح : محبّ.
(٣) الزيادة عن الجليس الصالح.
(٤) في عقلاء المجانين : محمّد بن سليمان الهاشمي.
(٥) المربد : من محال البصرة ، كان في أول أمره سوقا للإبل ثم صار محلة عظيمة ، سكنها الناس.
(٦) القهرمان : الأمين الخاص للأمير أو الملك ووكيله في تدبير بعض أموره.
(٧) أي انتهره.
(٨) بالأصل : وحرق ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٩) في الجليس الصالح وعقلاء المجانين : الفاسق.
(١٠) بالأصل : «الجلوار ... اهتزار» والمثبت عن المصدرين السابقين.
(١١) السربال : القميص ، أو كل ما يلبس.
(١٢) في عقلاء المجانين : يردي.
(١٣) روايته في عقلاء المجانين :
وكان زيني في الملا ومجدي