يزيد (١) البنّاء على أن يعدلها بحديدة وبرأيه وبقدرته (٢). فإذا سلما أخذ البنّاء تسعة أعشار الأجرة ، وأخذ الرقّاص عشرا ، وإن هلك ذهبت نفسه ، فكذلك العالم يأخذ أضعاف الأجر لعلمه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الغسّاني ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو بكر الخرائطي ، نا علي بن داود القنطري ، نا عبد الله بن صالح ، حدّثني يعقوب بن عبد الرّحمن الزّهري ، عن أبي حازم قال :
البسي الخلق أشقى الناس به نفسه التي هي بين جنبيه هي منه في بلاء ، ثم زوجته ثم ولده ، ثم إنه ليدخل بيته وانهم لفي سرور ، فيسمعون صوته فيتفرقون عنه فرقا منه ، وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة ، وإن كلبه ليراه فيزوى على الجدار ، وحتى أن قطه ليفرّ منه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلّاف في كتابه ، وأخبرني عنه أبو المعمّر المبارك بن أحمد ، وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر بن المسلمة ، وأبو الحسن بن العلّاف ، قالا : أنا عبد الملك بن محمّد بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي ، نا أبو يوسف يعقوب بن عيسى الزّهري ، نا الزّبير بن بكّار ، نا مصعب الزّهري ، نا عبد الرّحمن بن أبي الخنبش قال :
خرج أبو حازم يرمي الجمار ومعه قوم متعبدون وهو يكلّمهم ويحدثهم ويقص عليهم ، فبينا هو يمشي وأولئك معه إذ نظروا إلى فتاة مستترة بخمارها وهي التي ليس على نحرها منه شيء ترمي الناس بطرفها يمنة ويسرة ، وقد شغلت الناس وهم ينظرون إليه مبهوتين وقد خبط بعضهم بعضا في الطريق ، فرآها أبو حازم فقال : يا هذه اتقي الله إنّك في مشعر من مشاعر الله عظيم ، وقد فتنت الناس ، فاضربي بخمارك على جيبك فإن الله يقول : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ)(٣) فأقبلت تضحك من كلامه ، وقالت : إني والله يا أفزر
__________________
(١) بالأصل وم : يريد ، والمثبت عن الحلية.
(٢) في الحلية : وبتقديره.
(٣) سورة النور ، الآية : ٣١.