قلت : هذا لآل إبراهيم نصّاً.
إن قلت : أنّه لآل محمّد من باب أولى بحكم فضل محمّد على كل نبي قبله ، إن قلت : من باب أولى فما عدوت ، لكنّي كرهت أن أقف عند حدود هذا الاستدلال وحده فأكون قد أدخلت القياس في استخلاص حقّ آل محمّد.
قلت : والله إن رائحة القياس تجعلني أبحث عن بديل من بيان ربّي ، وها هو البيان عجيب واضح بيّن ، يقول الحقّ في سورة فاطر مخاطباً عبده ورسوله محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( وَالَّذي أوْحَيْنا إلَيكَ مِنَ الكِتابِ هُوَ الحَقُّ ) إلى قوله تعالى الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( ثُمَّ أورَثْنَا الكِتَابَ الَّذينَ اصطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنا ) (١).
الكتاب الذي أُنزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : يقول ربّنا نحن أورثناه لمن اصطفينا من عبادنا ، فمن يا ربّ الذين اصطفيتهم من عبادك؟
أولا : أورثنا ، وما قال ثم آتينا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ، فأورثنا هذه مقطع وفيصل في القضية ، لأنّه لو قال : آتينا الكتاب فقد يمكن أن يؤتى واحد الكتاب بتحصيله العلمي وبقراءتهوباجتهاده ، فإتيانه هذا يقوم على الميراث وليس في الميراث إجتهاد للوارث ، إذ أنّ الوارث لا يكتب ميراثه ، وإنّما يحدّده الله عزّوجلّ : ( ثُمَّ أورَثْنَا الكِتَابَ الَّذينَ اصْطَفَينَا مِن عِبَادِنَا ).
__________________
١ ـ فاطر : ٣١ ـ ٣٢.