والمعازف ، وكان الرقص على نوعين : رقص مقدس من توابع الحفلات الدينية ، ورقص عالمي لتسلية العامة ، أي أن الرقص رقصان رقص ديني أو رقص المآتم ورقص الحبور والابتهاج. وفي التوراة أن الرقص كان شائعا عند العبرانيين ، وقد رقص داود أمام تابوت العهد ، ولما خرج بنو إسرائيل من مصر كان لهم نوعان من الرقص ، الرقص المقدس المنظم ورقص سريّ له اتصال بالتعبد على نحو ما كانوا يرقصون في التيه حول عجل الذهب. وكان للعبرانيين نوع من الرقص الشريف يرقصه العذارى في الحفلات العامة احتفاء بذكرى حوادث سعيدة من مثل انتصار على عدو أو تكريم مجد أبطال الوطن. وهكذا كان الرقص شائعا عند المصريين ، ثم شاع عند اليونان وهم المشهورون بتفننهم فبلغ عندهم أقصى درجات رقيه وانتقل إلى الرومان ، وإذ كانوا شعبا قاسيا غليظا فقد عندهم بهاءه ورواءه وما يقصد منه. ولكل شعب رقصه الخاص به ، عليه صبغة أخلاقه القومية الثابتة. ولجميع شعوب الغرب والشرق رقصهم الخاص أو رقصات عرفت بهم وأثرت عنهم. والإنكليز أكثر الأمم انحطاطا في الرقص لم يبرزوا فيه تبريزهم في معظم مظاهر الحياة القويمة.
وكان الرقص عند العرب كالغناء من الفنون الطبيعية استعملوه في كل دور عرف من أدوارهم. والرقص أو الزفن كان عند العرب على ما يظهر على الطراز الذي هو عليه اليوم عند العرب سكان القرى والعرب الرحالة ومنه ما يعرف بالدبكة ، فإن وفد الحبشة لما قدم إلى الحجاز جعلوا يزفنون أي يرقصون. وفي حديث فاطمة أنها كانت تزفن للحسن أي ترقص له وفي رواية ترقصه. ومن غريب تفنن العرب في مسائل الظرف والذوق أنهم عرفوا علما سموه «علم الغنج» عده صاحب الموضوعات من فروع علم الموسيقى وقال : هو علم باحث عن كيفية صدور الأفعال التي تصدر عن العذارى والنسوان الفائقات الجمال والمتصفات بالظرف والكمال إلى آخر ما نقله صاحب كشف الظنون.
والغالب أن رقص الشام اقتبس مع الزمن من أوضاع كثيرة ، والأمم تقتبس عن غيرها ما يتلاءم مع مزاجها. وكذلك تقبس غيرها بعض ما ألفته في هذا الشأن. من ذلك أن الرقص الاسباني إلى اليوم لم يبر بعد خمسة قرون من مغادرة العرب أرض الأندلس على الطراز العربي وكذلك موسيقاهم إلا قليلا. وقد