بعد حشو القرع بالورد وبلسان الثور وبزهر النوفر أو البان أو زهر النارنج والشقيق والهندباء أو بورق القرنفل المزروع بدمشق.
قال : ويحمل الورد المستخرج بالمزة إلى سائر البلاد الجنوبية كالحجاز وما وراء ذلك وكذلك يحمل زهر الورد المزي إلى الهند وإلى السند وإلى الصين وإلى ما وراء ذلك ويسمى هناك الزهر. ومما أرخوه إنه كان لقاضي القضاة الحنفية ولأخيه الحريري قطعة بأرض تسمى شور الزهر طولها مائة وعشر خطوات وعرضها خمس وسبعون خطوة باع منها عشرين قنطارا باثنين وعشرين ألف درهم وذلك سنة خمس وستين وستمائة وهذا لم يسمع بمثله ا ه.
وكانت حلب في القديم مختصة بماء الورد النصيبي الذي يستخرج بالباب من أعمالها قال ابن الشحنة : إنه لا يقاربه شيء مما يجلب إلى الديار المصرية من الشام ولا يدانيه مع أن المجلوب من دمشق عند المصريين في غاية العظمة بحيث يصفه أطباؤهم للمرضى فيقولون ماء ورد شامي. وينبت في أرض حلب زهر القرنفل وكان يستقطر ماؤه. واشتهرت في القديم زهور لبنان وما إليه من الجبال كجبل الشيخ فإنها كثيرة مبذولة في الربيع شأنها في مراعي الجولان والعمق والبقاع والبقيعة كما اشتهرت طيوب البلقاء وصموغه وكانت تحمل إلى مصر. وقلّ اليوم من يلتفت إلى هذه الصناعات الزراعية.
ومن صناعاتهم الزراعية في القديم السكّر وكان يعمل في القديم على ضفاف الأردن ولا تزال معامله في جنوبي الغور تدعى إلى اليوم مطاحن السكر ، وكان السكر أكثر مستغل تلك الناحية يحمل إلى الشرق والغرب. وكان يصنع السكر في أنطاكية وطرابلس وعكا ويافا ويحمل منها إلى الآفاق. قال القلقشندي من أهل القرن التاسع : في الشام يعمل السكر الوسط والمكرر. وكانت زيوت الشام كخمورها تصدر إلى القاصية. ويعصر السليط أي دهن السمسم في دياف من حوران وبه اشتهرت. وكان الصابون الحلبي والنابلسي وغيره مما يفيض عن حاجة القطر يباع منه في الأقطار الأخرى. وكان الجبن الكركي مشهورا يصدر إلى مصر.
وقد قامت الحكومة العثمانية إبان الحرب العامة بعمل بعض المحفوظات والمرببات في دمشق فتعمل الحساء ذرورا ثم يذاب في ماء حار وقت الاستعمال فيأتي كأنه طبخ الساعة واستخرجوا من العظام مرقا معقما. وأخذوا يعملون