وفي الحديث : العالم كالحمة يأتيها البعداء ويتركها القرباء ، فبينما هي كذلك إذ غار ماؤها ، وقد انتفع بها قوم وبقي أقوام يتفكّنون أي يتندمون. فالحمة هي ما يعرف اليوم بالحمامات المعدنية تكثر في أرض الشام البعيدة عن الساحل ، وأهمها حمامات طبرية على شاطئ البحيرة ، تنفع النساء في الأمراض التناسلية وتشفي الأوجاع الحادة المزمنة وأمراض الرثية والنقرس والبول السكري وأمراض أعضاء التناسل والمرة السوداء والتهاب قصبة الرئة المزمن وبعض الأمراض الجلدية وغيرها.
قال أبو القاسم في وصف حمة طبرية : وفيها عيون ملحة حارة وقد بنيت عليها حمامات فهي لا تحتاج إلى الوقود تجري ليلا ونهارا حارة وبقربها حمة يغتمس فيها الجرب ا ه. ويجري الماء إلى الحمامات من أربع عيون حارة وأهمها ما بناه إبراهيم باشا المصري وهو في الشمآل ويعرف باسمه وهو عبارة عن حوض كبير تحيط به عمد قديمة من الرخام وعليه قبة عظمى ، وهي مثقوبة بثقوب أسطوانية يخرج منها البخار ودرجة حرارة الماء ٦٢ بالميزان المئوي وهو صاف براق في الجملة ملح الطعم مرّ مهوّع وتنبعث منه رائحة شديدة من حامض الكبريت أو رائحة بيض فاسد ، وهذه الحمامات ملك الحكومة تؤجرها وموسم الاستحمام فيها من أول كانون الثاني إلى آخر حزيران.
ومنها «الحمة» حمة جدر في وادي اليرموك على الخط الحديدي عند الكيلومتر ٩٣ و ٩٥ تنفع في أمراض الجلد وغيرها وهي مياه معدنية حارة تنبجس غزيرة وتجري إلى نهر الشريعة وهي ثلاث حمامات يبعد بعضها عن بعض بضع دقائق يدعى أحدها «المقلى» أو «حمام سليم» درجة حرارته ١١٩ والآخران «حمام الجرب» وحرارته ١٠٨ ، أو «حمام الريح» وحرارته ٨٢ بميزان فارنهيت وعندها آثار الحمامات الرومانية وبقربها ملعب عظيم وهو ملعب جدر المشهورة في الجاهلية والإسلام قال أحد واصفيها : «ولا أبالغ إذا قلت إن معدل قاصديها في شهر نيسان لا يقل عن عشرين ألفا يقيمون أياما تحت حر الشمس وهبوب الريح لا بيت يؤويهم ولا نزل يكنهم ، فإن كان قاصدوها يبلغون هذا العدد وهي قفراء خربة في شهر واحد فكم يكون عددهم لو تهيأت لهم حمامات منتظمة وأبنية وفنادق وما به تستتب لهم الراحة فيه أأبالغ إذا قلت إنهم يزيدون على المائتي ألف؟».