يزداد قدما إليهم من تيقّنه |
|
إنّ التأخّر لا يحمي من الأجل |
ما كان أقربهم من أسر أبعدكم |
|
لو أنّهم لم يكونوا منه في شغل |
ثباته في صدور الخيل أنقذكم |
|
لا تحسبوا وثبات الضّمّر الذلل |
ما كل حين تصاب الأسد غافلة |
|
ولا يصيب الشديد البطش ذو الشلل |
والله عونك فيما أنت مزمعه |
|
كما أعانك في أيّامك الأول |
كم قد ملكت لهم ملكا بلا عوض |
|
وحزت من بلد منهم بلا بدل |
وكم سقيت العوالي من طلى ملك |
|
وكم قريت العوافي من قرا بطل (١) |
وأسمر من وريد النحر مورده |
|
وأجدل أكله من لحم منجدل |
حصيد سيفك قد أعفيته زمنا |
|
لو لم يطل عهده بالسيف لم يطل |
لا نكبت سهمك الأقدار عن عرض |
|
ولا ثنت يدك الأيام عن أمل |
وكتب إليّ من حمص بخطّ يده قصيدة نظمها في مدح دمشق :
سقى دمشق وأياما مضت فيها |
|
مواطر السحب ساريها وغاديها |
من كل أدهم صهال له شية |
|
صفراء يسترها طورا ويبديها |
ولا يزال جنين (٢) النبت ترضعه |
|
حوامل المزن في أحشاء أرضيها |
فما قضى حبه قلبي لنير بها |
|
ولا قضى نحبه ودي لواديها |
ولا تسليت عن سلسال ربوتها |
|
ولا نسيت مبيتي جار جاريها |
كأن أنهارها ماضي ظبي حشيت |
|
خناجرا (٣) من لجين في حواشيها |
فلا سقى الله أشواقي برؤيتها |
|
إن راق عيني شيء بعد فقديها |
واها لها حين حلى الغيث عاطلها |
|
مكللا واكتسى الأوراق عاريها |
وحاك في الأرض صوب المزن مخملة |
|
ينيرها بغواديه ويسديها |
ديباجة لم يدع حسنا مفوّقها |
|
إلّا أتاه ولا أبقى موشيها |
ترنو إليك بعين النور ضاحكة |
|
إذ بات عين من الوسمي تبكيها |
والدوح ربّا لها (٤) ربى قد اكتملت |
|
شبابها حينما شابت نواصيها |
__________________
(١) القرا : الظهر (اللسان).
(٢) بالأصل وم : «حنين» والمثبت عن المطبوعة.
(٣) بالأصول : خناجر.
(٤) بالأصل وم : «ربى لها ربا» والمثبت عن المطبوعة.