فأدخله ، فخرج عبد الجبّار إلى الرجل فقال : قد دعاك (١) أمير المؤمنين وقد أعلمته أنك أحد عمّاله على المظالم والحسبة فادخل عليه في الزيّ الذي تحبّ ، فألبسه قباء بأربند (٢) وعلق خنجرا في وسطه وسيفا بمعاليق (٣) ، وأسبل كمّيه (٤) ودخل فقال : السّلام عليك يا أمير المؤمنين ، قال : وعليك ، ألست القائم بنا والواعظ لنا ، ومذكّرنا بأيام الله على رءوس الملأ؟ قال : نعم ، قال : فكيف حلت عن مذهبك؟ قال : يا أمير المؤمنين فكّرت في أمري ، فإذا أنا قد أخطأت فيما تكلمت به ، ورأيتني مصيبا في مشاركة أمير المؤمنين في أمانته ، فقال : هيهات ، أخطأت استك الحفرة هبناك يوم أعلنت الكلام ، وظننا أنك أردت الله به فكففنا عنك ، فلمّا تبيّن لنا أنك الدنيا أردت جعلناك عظة لغيرك حتى لا يجترئ بعدك مجترئ على الخلافة ، أخرجه يا عبد الجبّار فاضرب عنقه ، فأخرجه فقتله.
أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا علي بن الحسن (٥) ، أنا معلّى بن أيوب قال : سمعت ابن (٦) المبارك يقول : سمعت أبا عبيد (٧) الله يقول : سمعت المنصور أمير المؤمنين يقول لأمير المؤمنين المهدي :
يا أبا عبد الله ، إن الخليفة لا يصلحه إلّا التقوى ، والسّلطان لا يصلحه إلّا الطاعة ، والرعية لا يصلحها إلّا العدل ، وأولى الناس بالعدل أقدرهم على العقوبة ، وانقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.
كذا قال ، وإنما هو : مبارك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور (٨) ، وأبو منصور بن العطار ، وأبو القاسم بن البسري (٩) ، قالوا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا عبد الواحد بن المهتدي ، نا أحمد بن يحيى ، نا أبو عبد الله بن أبي بكر ، نا مبارك الطبري ، قال : سمعت أبا
__________________
(١) الجليس الصالح : دعا بك.
(٢) عن الجليس الصالح ، وفي المطبوعة : «قباء فارتبذ» واللفظتان غير مقروءتين بالأصل.
(٣) بالأصل : «بمعاليق وسيفا» وفوق اللفظتين علامتا تقديم وتأخير ، فأثبتنا ما وافق الجليس الصالح.
(٤) في الجليس الصالح : جمته.
(٥) الأصل : الحسين ، والسند معروف.
(٦) كذا ، بالأصل ، وفي سير الأعلام ٧ / ٨٥ وتاريخ الإسلام (ترجمته ص ٤٦٨) «مبارك الطبري» وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب.
(٧) الأصل : عبد الله ، والمثبت عن سير الأعلام ، وتاريخ الإسلام.
(٨) غير مقروءة بالأصل ، والصواب ما أثبت قياسا إلى سند مماثل.
(٩) الأصل : السّمرقندي ، خطأ ، والسند معروف.