وعشرين سنة فهبّك تبلغها فما ست سنين تعدل فيها (١).
فقال لي : يا أبا عبد الله ما أجد (٢) على هذا الأمر أعوانا قلت عليّ أعوانك بغير مرزئة (٣) أنت تعلم أن أبا أيوب المورياني يريد منك في كل سنة بيت مال ، وأنا أجيئك بمن يعمل بغير رزق ، ويتصدق على المسلمين بنفسه : آتيك بالأوزاعي تقلّده كذا وبسفيان الثوري كذا ، وأكون أنا بينك وبين الناس على مظالمهم ، أبلّغهم عنك وأبلّغك عنهم بلا دينار ولا درهم ، فقال : حتى استكمل بناء مدينة السلام وأخرج إلى البصرة وأوجه إليك.
فقال له سفيان الثوري : ولم ذكرتني له؟ فقال عبّاد : والله ما أردت إلّا النصيحة للمسلمين ، ثم قال لسفيان : يا أبا عبد الله ، ويل لمن دخل عليهم إذا لم يكن كثير العقل (٤) ، كثير الفهم ، كيف يكون فتنة عليهم وعلى أمة محمّد صلىاللهعليهوسلم ـ وفي نسخة : وبلاء على أمة محمّد صلىاللهعليهوسلم ـ.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن ، أنا القاضي أبو المظفّر هنّاد بن إبراهيم بن محمّد النسفي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن سليمان الحافظ ، أنا خلف بن محمّد ، أنبأ مكي بن خلف بن عفان ، نا عجيف بن آدم ، نا أبو مقاتل الفضل بن مقاتل ، نا النضر بن زرارة قال :
أدخل سفيان الثوري على أبي جعفر المنصور أمير المؤمنين ، فأقبل عليه أبو جعفر يوبخه فقال : تبغضنا وتبغض هذه الدعوة ، وتبغض عترة رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : وسفيان ساكت يقول : سلم سلم ، قال : فلما قضى أبو جعفر كلامه قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) إلى قوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ)(٥) قال : ونكس أبو جعفر رأسه ، وجعل ينكت بقضيب في يده الأرض ، فقال سفيان : البول البول قال : قم قال : فخرج وأبو جعفر ينظر إليه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، أنا علي بن الحسن ، أنا [أبي ، عن بكر العابد](٦) قال : قال سفيان الثوري
__________________
(١) «تعدل فيها» ليست في تاريخ الإسلام.
(٢) عن تاريخ الإسلام ، وبالأصل : «أحدا».
(٣) يقال : ما رزأ فلانا شيئا أي ما أصاب من ماله شيئا ، ولا نقص منه.
(٤) تاريخ الإسلام : «كبير العقل» وهو أشبه.
(٥) سورة الفجر ، الآيات ٦ ـ ١٤.
(٦) ما بين معكوفتين بياض بالأصل ، واستدرك عن المطبوعة.