أمير المؤمنين ثم أنشده شعر :
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم |
|
قوم لقيل اقعدوا يا آل عبّاس |
ثم ارتقوا في شعاع الشمس كلّكم |
|
إلى السّماء ، فأنتم أكرم (١) الناس |
قال : فهل قلت فيها شيئا؟ قال : نعم ، قلت :
فما ولدتك مريم أمّ عيسى |
|
ولم يكفلك (٢) لقمان الحكيم |
ولكن قد تضمك أمّ سوء |
|
إلى لبّاتها وأب لئيم |
قال : فضحك أبو جعفر ، ثم أخرج أبو دلامة خريطة من خرق فقال : ما هذا؟ قال : يا أمير المؤمنين أجعل فيها ما تحبوني به ، قال : املئوها له دراهم ، فوسعت ألفي (٣) درهم (٤).
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن الحسين بن زهرة ، وأبو بكر محمّد بن الحسين ، قالا : أنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا أبو حاتم محمّد بن عبد الواحد بن محمّد بن زكريا بن يحيى الرّازي الخزاعي ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد العنبري الأصبهاني قال : سمعت الفضل بن الحباب يقول : سمعت محمّد بن سلّام الجمحي يقول (٥) :
__________________
(١) الأغاني : أظهر.
(٢) الأغاني : ولا رباك.
(٣) الأغاني : أربعة آلاف درهم.
(٤) ورد في المطبوعة خبر سقط من الأصل ، نثبته هنا :
أخبرنا أبو المعالي محمد بن يحيى القرشي ، قال : قرأت على أبي القاسم عبد المحسن بن عثمان بن غانم التنيسي القاضي بتنيس ، أخبركم أبو بكر أحمد بن عبيد الله بن محمد بن إسحاق ، نا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب ، وأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، نا الحسن بن خضر ، عن أبيه ، قال : أخبرني بعض الهاشميين ، قال :
كنت جالسا عند المنصور بأرمينية وهو أميرها لأخيه أبي العباس ، وقد جلس للمظالم ، فدخل عليه رجل ، فقال : إن لي مظلمة ، وإني أسألك أن تسمع مني مثلا أضربه قبل أن أذكر مظلمتي. قال : قل ، إني وجلت لله تبارك وتعالى ، خلق الخلق على طبقات ، فالصبي إذا خرج إلى الدنيا لا يعرف إلّا أمه ، ولا يطلب غيرها ، فإذا فزع من شيء لجأ إليها. ثم يرتفع عن ذلك طبقة ، فيعرف أن أباه أعز من أمه ، فإن أفزعه شيء لجأ إلى أبيه ، ثم يبلغ ويستحكم ، فإن أفزعه شيء لجأ إلى سلطانه ، فإن ظلمه ظالم انتصر به ، فإذا ظلمه السلطان لجأ إلى ربه ، واستنصره ، وقد كنت في هذه الطبقات ، وقد ظلمني ابن نهيك في ضيعة لي في ولايته ، فإن نصرتني عليه وأخذت بمظلمتي ، وإلّا استنصرت إلى الله عزوجل ، ولجأت إليه ، فانظر لنفسك ، أيها الأمير ، أو دع.
فتضاءل أبو جعفر ، وقال : أعد عليّ الكلام ، فأعاده ، فقال : أما أول شيء فقد عزلت ابن نهيك عن ناحيته ، وأمر بردّ ضيعته.
(٥) الخبر في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٢٢ ـ ٣٢٣ وتاريخ الإسلام (ترجمته ص ٤٧٠).