الشرقية (١) ، وكان الخلنجي من المجردين [للقول](٢) بخلق القرآن المعلنين به ؛ وأنا علي بن المحسّن ، أنا طلحة بن محمّد بن جعفر قال : عزل الواثق عبد الرّحمن بن إسحاق ، واستقضى عبد الله بن محمّد بن أبي يزيد الخلنجي ، وكان من أصحاب أبي عبد الله بن أبي دؤاد (٣) ، حاذقا بالفقه على مذهب أبي حنيفة ، واسع العلم ، ضابطا ، وكان يصحب ابن سماعة ، وتقلّد المظالم بالجبل ، فأخبر ابن أبي دؤاد (٤) أنه مستقل ، عالم بالقضاء ووجوهه ، فسأل عنه ابن سماعة فشهد له ، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم فولّاه قضاء همذان (٥) ، فأقام نحوا من عشرين سنة لا يشكى ، وتلطف له محمّد [بن](٦) الجهم في مال عظيم فلم يقبله ، ولما ولي الشرقية ظهرت عفته وديانته لأهل بغداد ، وكان فيه كبر شديد ، وكتب إليه المعتصم في أن يمتحن الناس ، يضبط نفسه فتقدمت إليه امرأة فقالت : إنّ زوجي لا يقول بقول أمير المؤمنين في القرآن ففرّق بيني وبينه ، فصاح عليها ، فلمّا كان في سنة سبع وثلاثين في جمادى عزله المتوكل وأمر أن يكشف ليفضحه بسبب ما امتحن الناس في خلق القرآن ، فأخبرني الطبري محمّد بن جرير قال : أقيم الخلنجي للناس سنة سبع وثلاثين ومائتين ، قال طلحة : وأخبرني عمر بن الحسن قال : كشف الخلنجي فما انكشف عليه أنه أخذ حبة واحدة.
قرأت في كتاب علي بن الحسين (٧) بن محمّد (٨) الكاتب (٩) ، نا محمّد بن خلف وكيع قال : كان الخلنجي القاضي ، واسمه عبد الله بن محمّد ابن أخت علّوية المغنّي ، وكان تيّاها صلفا ، فتقلد في خلافة الأمين قضاء الشرقية فكان يجلس إلى أسطوانة من أساطين المسجد فيستند إليها بجميع جسده ولا يتحرك ، فإذا تقدم إليه الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده وترك الاستناد حتى يفصل بينهما ثم يعود إلى حاله ، فعمد بعض المجّان إلى رقعة من الرّقاع التي يكتب فيها الدعاء (١٠) وألصقها في موضع ذنبته (١١) وطلاها بدبق.
__________________
(١) إحدى محال بغداد ، في الجانب الغربي منها.
(٢) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٣) عن تاريخ بغداد وبالأصل : داود.
(٤) عن تاريخ بغداد وبالأصل : داود.
(٥) الأصل : همدان.
(٦) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٧) الأصل : الحسن ، خطأ ، وهو أبو الفرج الأصبهاني.
(٨) «بن محمّد» كتب فوق الكلام بين السطرين.
(٩) الخبر في الأغاني ١١ / ٣٣٨ وأخبار القضاة لوكيع ٣ / ٣٩٠.
(١٠) الأغاني : الدعاوى.
(١١) كذا وردت بالأصل والأغاني في كل مواضع الخبر ، وفي المطبوعة : «دنيته» ولعله يريد ذنب عمامته ، أو أي شيء من غطاء الرأس وبهامش المطبوعة : الدنية : طاقية القاضي.