«أبشر» فقال الأعرابي : أكثرت عليّ من أبشر ، ألا تنجز لي يا محمّد ما وعدتني؟ فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال : «إنّ هذا قد ردّ البشرى فاقبلا أنتما ، فقولا (١) قبلنا يا رسول الله» ثم دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقدح فيه ماء ، فغسل يديه ووجهه فيه ، ومجّ فيه ، ثم قال لهما : «اشربا منه ، وأفرغا منه على وجوهكما ونحور كما وأبشرا» ، فأخذا القدح ففعلا ما أمرهما به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنادتهما أم سلمة من وراء الستر : أن أفضلا لأمكما مما في أيديكما (٢) ، فأفضلا لها منه طائفة.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، أنا أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن الرازي ، أنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي الكاتب ، نا أبو القاسم البغوي ، نا يحيى ، نا عبد الوارث ـ يعني ـ بن سعيد ، عن محمّد بن جحادة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال :
كنت مع النبي صلىاللهعليهوسلم ذات ليلة ، فمرّ برجل يقرأ قد رفع صوته فقال : «يا بريدة ، أتراه مرائيا» ، قلت : الله ورسوله أعلم ، قالها ثلاثا ، قال : «بل هو عبد منيب» (٣) [٦٥٨٧].
أخبرنا أبو سهل أيضا ، أنا أبو الفضل الرّازي ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، نا محمّد بن هارون ، نا العباس بن محمّد ، نا عثمان بن عمر ، نا مالك بن مغول ، عن ابن (٤) بريدة ، عن بريدة قال :
خرجت ليلة إلى المسجد ، فإذا النبي صلىاللهعليهوسلم قائم عند باب المسجد ، وإذا رجل في المسجد يصلّي ، قال : فقال لي النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا بريدة أتراه يرائي؟» قال : قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : «بل مؤمن منيب» ، قال : فصلّى ثم قعد يدعو فقال : اللهمّ إني أسألك أنّي أشهد بأنك أنت الله ، لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك ، الأحد ، الفرد ، الصّمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن لك (٥) كفوا أحد ، قال : فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا بريدة ، والله لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب» ، وإذا الرجل أبو موسى الأشعري.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا
__________________
(١) كذا بالأصل وفي ل وسير الأعلام ٢ / ٣٨٥ «فقالا» والكلام التالي ليس من كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٢) في ل : «إنائكما».
(٣) انظر سير الأعلام ٢ / ٣٨٦ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٤١ ـ ٦٠) ص ١٤٢.
(٤) بالأصل وتاريخ الإسلام : «أبي» والصواب عن ل وسير الأعلام ، وقد مرّ في الرواية السابقة.
(٥) في ل : له.