قال (١) : أنا محمّد بن الحسين القطّان ، نا عثمان بن أحمد الدقّاق ، نا محمّد بن إبراهيم بن يوسف المروزي قال : سمعت أبا الوزير محمّد بن أعين يقول : سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يقول : ـ وقدم بغداد في بيع دار له ـ فاجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له :
جالست سفيان الثوري وسمعت منه ، وسمعت من عبد الله بن المبارك فأيهما أرجح؟ فقال : ما يقولون؟ لو أن سفيان جهد جهده على أن يكون يوما مثل عبد الله لم يقدر.
أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أبو إسماعيل محمّد بن إسماعيل الترمذي ، نا نعيم بن حمّاد قال :
سألت عبد الرّحمن بن مهدي قلت : أين ابن المبارك من الثوري؟ فقال لي : يا أبا عبد الله بينهما شيء كثير ؛ يقدّم ابن المبارك على الثوري.
قال نعيم : فقلت له : إن الناس يخالفونك ، فقال : إن الناس لم يباشروا منهما ما باشرت.
قال نعيم : قلت له : يا أبا سعيد ، فأين ابن عيينة من الثوري؟ قال : كان عند ابن (٢) عيينة من معرفته بالقرآن ، وتفسير الحديث ، وغوصه علي حروف معرفته ، يجمعها ، ما لم يكن عند الثوري.
أنبأنا أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو بكر محمّد بن عبد الله بن الجرّاح العدل ـ بمرو ـ نا يحيى بن ساسويه ، نا عبد الكريم بن أبي عبد الكريم السكري ، نا وهب بن زمعة قال : أخبرت عن أبي إسحاق الطّالقاني قال : سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يقول :
ما رأيت مثل ابن المبارك ، قال : فقال له يحيى بن سعيد القطّان : ولا سفيان ، ولا شعبة؟ قال : ولا سفيان ولا شعبة ، كان ابن المبارك فقيها عالما في علمه ، حافظا ، زاهدا ، عابدا ، غنيا ، حجاجا ، غزّاء ، نحويا شاعرا ، ما رأيت مثله.
__________________
(١) القائل : هو أبو بكر الخطيب ، وانظر تاريخ بغداد ١٠ / ١٦١ وسير أعلام النبلاء ٨ / ٣٨٨ وتهذيب الكمال ١٠ / ٤٧٢.
(٢) الأصل : أبي.