لا حق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد الأندلسي (١) ، نا نرجس بن عبد الله الخادم ، مولى الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي ـ بعين زربة ـ وكان مرابطا بها نيّف وعشرين سنة :
قال : أنا الحسن بن عرفة قال : قدم عبد الله بن المبارك البصرة ، فدخلت عليه فسألته أن يحدّثني فأبى وقال : أنت صبي.
قال الحسن بن عرفة : فأتيت حمّاد بن زيد فقلت : يا أبا إسماعيل ، دخلت على ابن المبارك فأبى أن يحدّثني فقال : يا جارية هات بخفي وطيلساني ، وخرج معي متوكئا (٢) على يدي حتى دخلنا على ابن المبارك ، فجلس معه على السرير ، فتحدثا ساعة ثم قال له حمّاد : يا أبا عبد الرّحمن لم لا تحدّث هذا الغلام؟ قال ابن المبارك : يا أبا إسماعيل هو صبي لا يفقه ما يحمله ، قال له حمّاد : حدّثه يا أبا عبد الرّحمن فلعله والله أن يكون آخر من يحدّث عنك في الدنيا.
قال الحسن بن عرفة : رحم الله حمّادا (٣) ما (٤) كان أحسن فراسته ، أنا آخر من حدّث عن ابن المبارك.
قال الحسن بن عرفة : فأقام ابن المبارك بالبصرة أياما ثم خرج إلى الحج ، فخرجت بخروجه ، فلما قدم بنا مكة أتى الكعبة فطاف بها سبعا ، وطفت بطوافه ، ثم صلّى خلف المقام ركعتين ، فصلّيت بصلاته ، ثم أتى زمزم فاستقى دلوا فصبّه في ركوة معه ، ثم خرج فوقف على باب زمزم ونادى بأعلى صوته : يا أهل مكة ، يا أهل [مكة](٥) من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا عبد الله بن المبارك المروزي ، حدّثني عبد الله (٦) بن أبي الموّال مكّيكم ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ماء زمزم لما شرب له» [٦٧٠٣] ثم قال ابن المبارك : اللهمّ هذا لعطش يوم القيامة ، ثم شربه.
قال الحسن بن عرفة : فما رأيت أكثر شربا من يومئذ.
قال عبد العزيز : حدثوا بهذا الحديث عن ابن المبارك ، فقالوا : عن محمّد بن المنكدر.
__________________
(١) بالأصل : نا الأندلسي.
(٢) المطبوعة : يتوكأ.
(٣) الأصل : حماد.
(٤) بالأصل : فما.
(٥) سقطت من الأصل ، وأضيفت للإيضاح عن المطبوعة.
(٦) كذا بالأصل ، وهذا خطأ والصواب : عبد الرحمن ، وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب ، وانظر ترجمته في تهذيب الكمال ١١ / ٣٩٥.