فإن أك معروق العظام فإنّني |
|
إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن |
قالت : وكيف تكون بالقوم وازنا وأنت لا تعرف إلّا بعزّة؟ قال : والله لئن قلت ذاك لقد رفع الله بها قدري ، وزيّن بها شعري ، وإنّي لكما قلت (١) :
ما روضة بالحزن ظاهرة (٢) الثرى |
|
بمج الندى جثجاثها (٣) وعرارها (٤) |
بأطيب من أردان عزّة موهنا |
|
وقد أوقدت (٥) بالمندل (٦) الرطب نارها |
من الخفرات البيض لم تلق شقوة |
|
وبالحسب المكنون صاف فجارها (٧) |
فإن برزت كانت لعينك قرة |
|
وإن غبت عنها لم يعمك عارها (٨) |
قالت : أرأيت حين تذكر طيبها ، فلو أن زنجية استجمرت بالمندل الرطب لطاب ريحها ألا قلت كما قال امرؤ القيس (٩) :
خليليّ مرّا بي على أم جندب |
|
نقضّ (١٠) لبانات الفؤاد المعذّب |
ألم تر أنّي (١١) كلما جئت طارقا |
|
وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب |
قال : الحق والله خير ما قيل ، هو والله أنعت مني لصاحبته.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ، عن رشأ بن نظيف ، أنبأنا أبو أحمد بن أبي مسلّم الفرضي ، حدّثنا عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرئ ، حدّثنا أحمد بن سعيد ، حدّثنا الزبير بن بكّار ، حدّثني عثمان بن عبد الرّحمن ، عن إبراهيم بن يعقوب ، عن أبي عبد الله قال :
لقيني أبو السائب يوما فقال : أنشدني لكثيّر وأحسن ، قال : فأنشدته له :
__________________
(١) الأبيات في ديوانه ص ١٠٩ ـ ١١٠ والشعر والشعراء ١ / ٥٠٨.
(٢) الديوان والشعر والشعراء : طيبة الثرى.
(٣) الجثجاث : ريحانة طيبة الريح ، برية.
(٤) والعرار : البهار البري وهو حسن الصفرة ، طيب الريح.
(٥) الأصل وم و «ز» : «وقدت» والمثبت عن الديوان.
(٦) المندل : عود طيب الرائحة يتبخر به.
(٧) روايته في الديوان :
من الخفرات البيض لم تر شقوة |
|
وفي الحسب المحض الرفيع نجارها |
(٨) رواية الديوان :
وإن خفيت كانت لعينيك قرة |
|
وإن تبد يوما لم يعمّك عارها |
(٩) البيتان في ديوان امرئ القيس ص ٤٦ (ط بيروت).
(١٠) الأصل وم : نقضى ، والمثبت عن م والديوان.
(١١) الأصل وم و «ز» ، وفي الديوان : ترياني.