أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي في كتابيهما ، عن أبي تمّام علي بن محمّد العبدي ، عن أبي عمر محمّد بن العباس الخزّاز (١) ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن خلف المحولي ، أخبرني أبو بكر العامري ، أخبرني رباح (٢) بن قطيب بن زيد الأسدي ابن أخت قريبة أم البهلول ابنة أباق الدبيرية (٣) الأسدية أخت الركاض بن أباق الدبيري الشاعر عن قريبة قالت :
كان عند المخبّل وهو كعب بن مالك ـ وقال غير قريبة : هو كعب بن عبد الله من بني لاي بن شاس بن أنف (٤) الناقة ـ وكان من أهل الحجاز ، ابنة عم له يقال لها أم عمرو ، وكانت أحبّ الناس إليه ، فخلا بها ذات يوم فنظر إليها وهي واضعة ثيابها فقال لها : يا أم عمرو هل ترين أنّ أحدا من النساء أحسن منك؟ قالت : نعم ، أختي ميلاء أحسن مني ، قال : فكيف لي بأن ترينيها؟ قالت : إن علمت بك لم تخرج إليك ولكن أخبّئك في الستر وأبعث إليها ، قال : ففعلت وأرسلت إليها وهو في الستر ، وجاءت ميلاء فلمّا نظر إليها عشقها وترك أختها امرأته وجلس لها ، فلمّا تروّحت (٥) من عند أختها عارضها من مكان لا تحتسبه فشكا إليها حبّها وأعلمها أنه قد رآها ، فقالت : والله يا بن عمّ ما وجدت بي من شيء إلّا قد وجدت منك مثله ، وظنّت أم عمرو امرأته أنه قد عشق أختها فتبعتهما ولا يدريان حتى رأتهما قاعدين جميعا ، فمضت قصد إخوتها وكانوا سبعة ، فقالت : إن تزوّجوا كعبا من ميلاء ، وإمّا أن تغيّبوها عني ، فلمّا بلغه أن ذلك قد بلغ إخوتها هرب ، فرمى بنفسه نحو الشام وترك الحجاز ، وقال وهو بالحجاز :
أفي كلّ يوم أنت بارح الهوى |
|
إلى الشّمّ من أعلام ميلاء ناظر |
فروى هذا البيت رجل من أهل الشام ، ثم خرج يريد مكة فمرّ على أم عمرو وأختها ميلاء وقد ضلّ الطريق ، فسلّم عليهما وسألهما عن الطريق ، فقالت أم عمرو : يا ميلاء صفي له الطريق ، فذكر الرجل لمّا سمعها تقول يا ميلاء ببيت كعب :
أفي كلّ يوم أنت بارح الهوى |
|
إلى الشمّ من أعلام ميلاء ناظر |
فتمثّل به ، فعرفت الشعر ، فقالت : يا عبد الله ، من أين أنت؟ قال : أنا رجل من أهل
__________________
(١) في «ز» : الخراز.
(٢) الأصل : رياح ، والمثبت عن م و «ز».
(٣) في «ز» : البربرية.
(٤) الأصل : «أبق» وفي «ز» : «ابق» وكتب على الهامش فيها : «أنف» والمثبت عن م.
(٥) بالأصل وم و «ز» : تزوجت.