دخل الهيثم بن الأسود النّخعي على الحجّاج فقال له : ما فعل كميل بن زياد؟ قال : شيخ كبير ، مطروح في البيت ، قال : بلغني أنه فارق (١) الجماجم ، قال : ذاك شيخ كبير خرف ، قال : لتخلن عني لسانك أو لتنكري قال : قد خلفته حتى بلغ أنفي ، ولئن شئت لأبلغن به المآقي ، قال : فأعطى العطاء بعد ، فدعا كميلا فقال له : أنت صاحب عثمان؟ قال : ما صنعت بعثمان؟ لطمني ، فأقادني فعفوت ، فأمر بقتله.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، أنبأنا نصر بن إبراهيم الزاهد ، وعبد الله بن عبد الرزّاق بن عبد الله ، قالا : أنبأنا أبو الحسن محمّد بن عوف بن أحمد المزني (٢) ، أنبأنا أبو علي الحسن بن منير بن محمّد التنوخي ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن خريم ، حدّثنا هشام بن عمّار ، حدّثنا أيوب بن حسّان ، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن قال :
منع الحجّاج النّخع أعطياتهم وعيالهم حتى يأتون بكميل بن زياد ، فلما رأى ذلك كميل أقبل إلى قومه فقال : أبلغوني الحجّاج ، فأبلغوه ، فقال الحجّاج : يا أهل الشام ، أتعرفون هذا ، هذا كميل بن زياد الذي قال لعثمان : أقدني من نفسك ، فقال كميل : فعرف حقي ، فقلت : أما إذا قدتني ، فهو لك هبة ، فمن كان أحسن قولا أنا أو عثمان؟ فذكر الحجّاج علي بن أبي طالب فصلّى عليه كميل ، فقال الحجّاج : والله لأبعثن إليك إنسانا أشدا بغضا لعلي من حبك أنت له ، فبعث إلى أدهم (٣) القيسي من أهل حمص ، فضرب عنق كميل بن زياد.
أنبأنا أبو القاسم تمام بن عبد الله بن المظفّر الظني ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن الحسن بن حمزة العطّار ، أنبأنا أبو نصر عبد الوهّاب بن عبد الله بن عمر المرّي ـ إجازة ـ أنبأنا أبو سليمان محمّد بن عبد الله بن زبر ، أخبرني أبي عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر ، حدّثنا أحمد بن عبيد بن ناصح ، حدّثنا الأصمعي ، عن [ابن] أبي زناد (٤) ، عن أبيه قال :
طلب الحجّاج كميل بن زياد النخعي طلبا شديدا فلم يقدر عليه ، فقيل له : إن أردته فامنع قومه العطاء ، قال : فمنع النّخع ، وقال : لا أعطيكم حتى تأتوني به ، فبلغ ذلك كميل بن زياد في موضعه الذي هو مستتر فيه ، فأرسل إلى قومه : أنا أظهر له فلا تمنعون عطاءكم ، فخرج إليه ، فلما رآه قال : أنت الطالب من أمير المؤمنين عثمان القصاص ، فقال له كميل :
__________________
(١) في م : قارف الجماجم.
(٢) بالأصل وم : المدني.
(٣) في م : ابن أدهم.
(٤) بالأصل وم : «عن أبي زياد» والمثبت والزيادة عن تهذيب الكمال ١٢ / ٧٩ ترجمة عبد الملك بن قريب الأصمعي.