أدركت الناس أيام هشام ، وكان الليث بن سعد حديث السن ، وكان بمصر عبيد الله بن أبي (١) جعفر ، وجعفر بن ربيعة ، والحارث بن يزيد ، ويزيد بن أبي حبيب ، وابن هبيرة وغيرهم من أهل مصر ، ومن يقدم علينا من فقهاء المدينة ، وإنهم ليعرفون لليث فضله ، وورعه ، وحسن إسلامه على (٢) حداثة سنة ، قال ابن بكير : ورأيت من رأيت ، فلم أر مثل الليث.
قال (٣) : وأنبأنا علي بن محمّد بن عيسى البزّار (٤) ، أنبأنا علي بن محمّد بن أحمد المصري قال : سمعت أبا الوليد عبد الملك بن يحيى بن بكير يقول : سمعت أبي يقول : ما رأيت أحدا أكمل من الليث بن سعد ، كان فقيه البدن ، عربي اللسان ، يحسن القرآن ، والنحو ، ويحفظ الشعر ، والحديث ، حسن المذاكرة ، وما زال يذكر خصالا جميلة ويعقد بيده حتى عقد عشرة ، لم أر مثله.
كتب إليّ أبو محمّد بن العبّاس ، وأبو الفضل بن سليم ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما ، قالا : أنبأنا أبو بكر الباطرقاني ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا أبو سعيد بن يونس ، حدّثني أحمد بن محمّد بن الحارث القباب ، حدّثنا محمّد بن عبد الملك بن شعيب بن الليث قال (٥) : سمعت أبي يذكر عن أبيه قال : قيل لليث : أمتع الله بك ، إنّا نسمع منك الحديث ليس في كتبك ، فقال : أوكلما في صدري في كتبي ، لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذا المركب.
قال : وأنبأنا ابن يونس ، حدّثني عاصم بن رازح ، حدّثني زكريا بن يحيى بن أبان قال : سمعت أبا صالح كاتب الليث يقول :
كنت مع الليث لما خرج إلى العراق ، فكان يقرأ على أصحاب الحديث من فوق علية ، والكتاب بيدي فإذا فرغ منه رميت به إليهم فنسخوه.
أنبأنا أبو نصر بن القشيري ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو
__________________
(١) في تاريخ بغداد : عبيد الله بن جعفر.
(٢) بالأصل وم ، ود ، وت : عن ، والمثبت عن تاريخ بغداد والمختصر.
(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٣ / ٦.
(٤) كذا بالأصل ، وم ، ود ، وت ، وفي تاريخ بغداد : البزاز.
(٥) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال ١٥ / ٤٤٣.