الليث بن سعد من الاسكندرية ، وكان معه ثلاث سفائن (١) : سفينة فيها مطبخه ، وسفينة فيها عياله ، وسفينة فيها أضيافه ، وكانت إذا حضرت الصلاة يخرج إلى الشطّ ، فيصلي ، وكان ابنه شعيب إمامه ، فخرجنا لصلاة المغرب ، فقال : أين شعيب؟ فقالوا : حمّ ، فقام الليث ، فأذّن ، وأقام ، ثم تقدم فقرأ : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها)(٢) فقرأ (وَلا يَخافُ عُقْباها)(٣) وكذلك في مصاحف أهل المدينة يقولون هو غلط من الكاتب عند أهل العراق ، ويجهر ببسم الله الرّحمن الرحيم ، ويسلّم تسليمة تلقاء وجهه.
قال (٤) : وأخبرني الأزهري ، حدّثنا محمّد بن الحسن النجاد ، حدّثنا علي بن محمّد المصري ، حدّثنا أبو علاثة المفرّض ، حدّثنا إسماعيل بن عمرو الغافقي قال : سمعت أشهب ابن عبد العزيز يقول :
كان الليث له كل يوم أربع (٥) مجالس يجلس (٦) فيها ، أما أولها فيجلس ليأتيه (٧) السلطان في نوائبه وحوائجه ، وكان الليث يغشاه السلطان ، فإذا أنكر من القاضي أمرا أو من السلطان كتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه القرار (٨) ويجلس لأصحاب الحديث ، وكان يقول : نجحوا (٩) أصحاب الحوانيت فإنّ قلوبهم معلقة بأسواقهم ، ويجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه ، ويجلس لحوائج الناس لا يسأله أحد من الناس فيردّه كبرت حاجته أو صغرت ، قال : وكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر ، وفي الصيف سويق اللوز بالسكر.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا محمّد بن القاسم العتكي ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن أحمد الخفاف. ح وأخبرنا أبو
__________________
(١) بالأصل : «سفنا» والمثبت عن م ، ود ، وت ، وتاريخ بغداد.
(٢) الآية الأولى من سورة الشمس.
(٣) الآية الأخيرة من سورة الشمس ، وفي التنزيل العزيز : «ولا» قال الطبري في تفسيره ٣٠ / ٢١٦ «فلا يخاف عقباها» بالفاء في «فلا» وهي قراءة عامة قراء الحجاز والشام ، وكذلك هو في مصاحفهم ، وقرأته عامة أهل العراق «ولا» بالواو (وَلا يَخافُ عُقْباها) وكذلك هو في مصاحفهم.
(٤) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٣ / ٩.
(٥) في تاريخ بغداد : أربعة.
(٦) بالأصل : نجلس ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٧) تاريخ بغداد : لنائبة.
(٨) تاريخ بغداد : فيأتيه العزل.
(٩) كذا بالأصل ، وم ، ود ، وت ، وفي تاريخ بغداد : «نحّوا» وهو أشبه.