والبئر من الماء ، كما قال ذو الرمة (١) :
وأدرك المستبقى من ثميلته |
|
ومن ثمائلها واستنشئ الغرب (٢) |
[قوله : واستنشئ الغرب](٣) معناه أنه شمّ من قولهم : شممت منه نشوة طيبة ، أي ريحا طيبة ، يقول : شممن الماء من شدة العطش ، يعني حمير الوحش (٤).
أنبأنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني ، وأبو عبد الله محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، وحدّثنا أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام ، أنبأنا أبو صادق قالا : أنبأنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن محمّد النيسابوري. ح وأخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن ، أنبأنا سهل بن بشر ، أنبأنا علي بن منير بن أحمد قالا : أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد الذهلي قال : قرئ على أبي العباس أحمد ابن يحيى بن زيد النحوي الشيباني المعروف بثعلب وأنا حاضر في سنة تسع وثمانين ومائتين حدّثنا شيبان بن مالك بن شيبان ، حدّثنا عبد الله بن إسماعيل ـ شيخ لنا ـ عن حمّاد الراوية قال (٥) : قدمت المدينة ، فدخلت المسجد ، فكان أوّل من دفعت إليه كثيّر عزّة فقال : يا أبا صخر ما عندك من بضاعتي؟ قال : عندي ما عند الأحوص ونصيب ، قلت : وما عندهما؟ قال : هما أحق بإخبارك ، قلت : إنا (٦) لم نحثّ المطيّ نحوكم شهرا إلّا لطلب ما عندكم ليبقى لكم ، وقل من يفعل ذلك ، قال : أفلا أخبرك إلى ما دعاني إلى ترك الشعر؟ [لما](٧) كان هذا الرجل واليا ـ يعني ـ عمر بن عبد العزيز ـ قلت له : بلى ، قال : إنّي شخصت أنا والأحوص ونصيب وكلّ واحد منهما يدلّ بسابقة له عند عبد العزيز بن مروان ، وإخاء لعمر وكلّ واحد منا ينظر في عطفيه ، لا يشكّ يشرك في الخلافة ، فلما رفعت لنا أعلام خناصرة (٨) ـ وهي منزل عمر ـ لقينا مسلمة بن عبد الملك ، وهو يومئذ فتى العرب ، وقبل ذلك ما بلغتنا الأخبار [بأنه](٩) لا خير لنا عنده ، فجعلنا نكذب ، ويغلب
__________________
(١) ديوان ذي الرمة ص ١١.
(٢) أدرك : هلك ، والثميلة : بقية كل شيء. أي ما بقي من الطعام في الجوف. (شرح ديوانه).
(٣) الزيادة عن «ز» والجليس الصالح. سقطت الجملة من الأصل وم.
(٤) في الجليس الصالح : حمر الوحش.
(٥) القصة بتمامها في العقد الفريد ١ / ٣٢٣ والشعر والشعراء ١ / ٥٠٤ والأغاني ٩ / ٢٥٦.
(٦) الأصل : إنما ، والمثبت عن م و «ز».
(٧) زيادة عن م و «ز».
(٨) خناصرة : بليدة من أعمال حلب تحاذي قنسرين (معجم البلدان).
(٩) زيادة عن م و «ز» ، للإيضاح.