قال لي الوليد : قال لي الأوزاعي : ما زلت أحبّ أهل البلاء مذ حدّثني الحكيم هذا الحديث.
ذكر أبو الوليد بن الفرضي (١) :
أن أبا عبد الله سمع بقرطبة ورحل إلى المشرق في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، فسمع بمكة ، وبمدينة الرسول ، وبجدّة ، وبزبيد ، وبعدن ، وبمصر ، وببيت المقدس ، وبغزة ، وبعسقلان ، وبطبرية ، وبدمشق ، وبأطرابلس الشام ، وببيروت ، وبصيدا ، وبصور ، وبقيسارية ، وبالرملة ، وبالفرما (٢) ، وبالاسكندرية ، وبالقلزم (٣). وذكر بعض من سمع منهم في هذه البلدان ثم قال : وعدة (٤) الشيوخ الذين لقيهم وروى عنهم في جميع الأمصار مائتا شيخ وثلاثون شيخا (٥) ، وقدم الأندلس من رحلته سنة خمس وأربعين ، واتصل بأمير المؤمنين ، وكانت له مكانة وخاصّة ، وألّف له عدة دواوين ، واستقضاه على إستجة (٦) ثم استقضاه على ريّة ، وكان حافظا للحديث ، عالما به ، بصيرا بالرجال ، صحيح النقل ، جيّد الكتاب على كثرة ما جمع ، سمع منه الناس كثيرا وسألته عن مولده فقال لي : ولدت سنة خمس عشرة (٧) وثلاثمائة في أولها ، وتوفي ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثمانين وثلاثمائة ، شهدت جنازته وشهده جماعة من أهل العلم.
وذكر أبو عمر أحمد بن محمّد بن عفيف أن عبد الله كان من أغنى الناس بالعلم ، وأحفظهم للحديث ، وأبصرهم بالرجال ، ما رأيت مثله في هذا الفن ، من أوثق المحدثين بالأندلس ، وأصحّهم كتبا ، وأشدّهم تتبعا لروايته ، وأجودهم ضبطا لكتبه ، وأكثرهم تصحيحا لها ، ولا يدع فيها شبهة مهملة ، ولا يجوز عليه فيها خطأ ولا وهم.
قرأت على أبي الحسن سعد (٨) الخير بن محمّد بن سهل ، عن أبي عبد الله محمّد بن
__________________
(١) تاريخ علماء الأندلس لأبي الوليد الفرضي ٢ / ٩١.
(٢) الفرما : مدينة على الساحل من ناحية مصر. (معجم البلدان).
(٣) القلزم : راجع معجم البلدان ٤ / ٣٨٧.
(٤) كذا بالأصل وم وت ود ، وفي تاريخ علماء الأندلس : وعده.
(٥) كذا بالأصل وم وت ود ؛ «مائتا شيخ وثلاثون شيخا» والذي في تاريخ علماء الأندلس : مائتا شيخ وشيخا.
(٦) إستجة بالكسر ثم السكون وكسر التاء اسم لكورة بالأندلس متصلة بأعمال رية بين القبلة والمغرب من قرطبة (معجم البلدان).
(٧) بالأصل : «خمسة عشر» والمثبت عن م ، وت ، ود.
(٨) بالأصل : سعيد ، تصحيف ، والمثبت عن م ، وت ، ود.