القشيري النيسابوري ح وأخبرناه عاليا أبو المظفّر بن القشيري الصّوفي ، أنبأنا (١) أبي قال : سمعت أبا عبد الرّحمن السلمي يقول : سمعت محمّد بن عبد الله الواعظ يقول : سمعت خير النسّاج يقول : سمعت أبا حمزة يقول : إني لأستحيي من الله تعالى أن أدخل البادية وأنا شبعان ، وقد اعتقدت التوكل لئلا يكون سعيي على الشبع زادا (٢) أتزوده.
قال الخطيب (٣) : وأنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن مقسم ، حدّثني أبو بدر الخيّاط الصّوفي قال : سمعت أبا حمزة يقول : سافرت سفرة على التوكّل ، فبينا أنا أسير ذات ليلة والنوم في عيني ، إذ وقعت في بئر فرأيتني قد حصلت فيها ، فلم أقدر على الخروج لبعد مرتقاها ، فجلست فيها فبينا أنا جالس إذ وقف على رأسها رجلان فقال أحدهما لصاحبه : نجوز ونترك هذه في طريق السابلة والمارّة ، فقال الآخر : فما نصنع؟ قال : نطمها. قال : فبدرت نفسي أن تقول : أنا فيها ، فنوديت تتوكل علينا ، وتشكو بلاءنا إلى سوانا؟ فسكتّ فمضيا ثم رجعا ومعهما شيء جعلاه على رأسها غطوها به ، فقالت لي نفسي : أمنت طمها ولكنت جعلت (٤) مسجونا فيها ، فمكثت يومي وليلتي فلمّا كان الغد ناداني شيء ـ يهتف بي ولا أراه ـ تمسك بي شديدا ، فمددت يدي فوضعته على شيء خشن فتمسكت به ، فعلاها وطرحني ، فتأمّلت فوق الأرض فإذا هو سبع ، فلمّا رأيته لحق نفسي من ذلك ما يلحق من مثله ، فهتف بي هاتف : يا أبا حمزة استنقذناك من البلاء بالبلاء ، وكفيناك ما تخاف ما تخاف.
قال الخطيب (٥) : ذكر أبو نعيم أنّ الواقع في البئر أبو حمزة البغدادي ، وكذلك يحكى عن أبي بكر الشّبلي.
[قال :](٦) وأخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري ، أنبأنا محمّد بن الحسين السلمي : أنّ الذي وقع في البئر بالبادية هو أبو حمزة الخراساني (٧) من أقران الجنيد ، وليس أبي حمزة البغدادي ، فالله أعلم بذلك.
__________________
(١) الخبر في الرسالة القشيرية ص ١٦٧ تحت عنوان : التوكل.
(٢) بالأصل وم : «زاد» والمثبت عن ت ، وتاريخ بغداد ، والرسالة القشيرية.
(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١ / ٣٩١.
(٤) في م وت ود والأصل : جعلت ، وفي تاريخ بغداد : حصلت.
(٥) تاريخ بغداد ١ / ٣٩٢.
(٦) زيادة للإيضاح ، والقائل أبو بكر الخطيب ، تاريخ بغداد ١ / ٣٩٢.
(٧) انظر أخباره في الرسالة القشيرية ص ٤٠٩ (ط بيروت).