وهذه الحكاية تدلّ على أن الشّافعي دخل مصر مرتين : إحدى المرتين على طريق الشام فإنّ فيها أنه دخلها أيام هارون الرشيد ، وتوفي هارون سنة ثلاث وتسعين ومائة.
ودخلته الثانية مصر سنة تسع وتسعين ومائة على ما ذكر حرملة بن يحيى ، فأقام بها إلى أن مات ، وأظنه في هذه الثانية ذهب إليها من مكّة فإنّ الحميدي (١) صحبه.
قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، عن الزبير بن عبد الواحد الأسدآباذي ، حدّثني أحمد ابن مروان ، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّد الحنفي قال : سمعت أبي يقول : خرجنا من بغداد مع الشّافعي يريد مصر ، فدخلنا حرّان وكان قد طال شعره ، فدعا حجّاما ، فأخذ من شعره فوهب له خمسين دينارا ، وهذا يدل على أنه سلك طريق الشام.
آخر (٢) الجزء الثامن والتسعين بعد الخمسمائة (٣).
قرئ على أبي الحسن علي بن الحسن الموازيني (٤) ـ وأنا أسمع ـ عن أبي عبد الله محمّد بن سلامة بن جعفر القضاعي (٥) ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمرو ابن شاكر القطّان ، حدّثني إسماعيل بن عمر بن الحسن بن يحيى بن كامل الخولاني البزّاز ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن الخصيب القاضي ، حدّثنا هارون بن عبد العزيز الأوارجي ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن وهب ، حدّثنا عبد الله بن محمّد الفريابي قال : سمعت محمّد بن إدريس الشّافعي ببيت المقدس يقول : سلوني عم شئتم أخبركم عن كتاب الله وسنّة رسوله ، فقلت : إنّ هذا لجريء ، ما تقول أصلحك الله ، في المحرم يقتل الزنبور؟ فقال : نعم ، بسم الله الرّحمن الرحيم ، قال الله عزوجل : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(٦).
وحدّثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اقتدوا باللّذين من بعدي : أبي بكر وعمر» وحدّثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن قيس بن مسلّم عن طارق بن شهاب أن عمر بن الخطّاب أمر المحرم بقتل الزنبور.
وهذه الحكاية تدل على دخوله الشام ، وقد روي من وجه آخر أنه سئل عنها بمكّة وذلك فيما.
__________________
(١) هو أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي.
(٢) من قوله : آخر إلى هنا ليس في د ، وم.
(٣) من قوله : آخر إلى هنا ليس في د ، وم.
(٤) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٤٣٧.
(٥) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٩٢.
(٦) سورة الحشر ، الآية : ٧.