عليه الخلع ، وحل واستولى أصحابه على البلاد ، وجرت أموره على السداد ، وظهر منه حميد السيرة وحسن الآثار ، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار.
وظهرت كلمة أهل السنة بالديار المصرية ، وخطب فيها للدولة العباسية بعد اليأس ، وأراح الله من بها من الفتنة ورفع عنهم المحنة ، فالحمد لله على ما منح ، وله الشكر على ما فتح.
ومع ما ذكرت من هذه المناقب كلها ، وشرحت من دقها وجلها فتح فهو حسن الخط والبنان ، متأتّ لمعرفة العلوم بالفهم والبيان ، كثير لمطالعتها ، مائل إلى نقلها ، مواظب حريص على تحصيل كتب الصحاح والسنن مقتن لها بأوفر الأعواض والثمن ، كثير المطالعة للعلوم الدينية متّبع للآثار النبوية ، مواظب على الصلوات في الجماعات مراع لأدائها في الأوقات ، مؤدّ لفروضها ومسنوناتها ، معظم لفقدها في جميع حالاتها عاكف على تلاوة القرآن على الأيام حريص على فعل الخير من الصدقة والصيام ، كثير الدعاء والتسبيح ، راغب في صلاة التراويح ، عفيف البطن والفرج مقتصد في الإنفاق والخرج ، متحري في المطاعم والمشارب والملابس ، متبري من التباهي والتماري والتنافس ، عري عن التجبر والتكبر ، بريء من التنجم والتطير ، مع ما جمع الله له من العقل المتين ، والرأي الصويب الرصين ، والاقتداء بسيرة السلف الماضين ، والتشبه بالعلماء والصالحين ، والاقتفاء لسيرة من سلف منهم في حسن سمتهم ، والاتباع لهم في حفظ حالهم ووقتهم.
حتى روى حديث المصطفى صلىاللهعليهوسلم وأسمعه ، وكان قد استجيز له ممن سمعه وجمعه ، حرصا منه على الخير في نشر السنة والتحديث ورجاء أن يكون ممن حفظ على الأمة أربعين حديثا كما جاء في الحديث ، فمن رآه شاهد من جلال السلطنة وهيبة الملك ما يبهره ، فإذا فاوضه رأى من لطافته وتواضعه ما يحيره.
ولقد حكى عنه من صحبه في حضره وسفره ، أنه لم يكن يسمع منه كلمة فحش في رضاه ولا في ضجره ، وإن أشهى ما إليه كلمة حق يسمعها أو إرشاد إلى سنة يتبعها.
يحب الصالحين ويؤاخيهم ، ويزور مساكنهم لحسن ظنه بهم ، فإذا احتلم مماليكه أعتقهم ، وزوج ذكرانهم بإناثهم ورزقهم. ومتى تكرتت الشكاية إليه من أحد ولاته ، أمر بالكف عن أذى من تكلم بشكاته ، فمن لم يرجع منهم إلى العدل ، قابله بإسقاط المرتبة والعزل ، فلما جمع الله له من شريف الخصال ، تيسّر له ما يقصده من جميع الأعمال ، وسهل