المطلب ومعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم غلام قد أيفع أو كرب ، فرفع يديه وقال : اللهم سادّ الخلّة وكاشف الكربة ، أنت معلّم غير معلّم ، ومسئول غير مبخّل ، وهذه عبداؤك وإماؤك بغدران حرمك يشكون إليك سنتهم ، أذهبت الخفّ والظلف ، فاسمعنّ اللهم وأمطرن غيثا مغدقا مريعا.
فو الكعبة ما زالوا حتى تفجّرت السماء بمائها ، واكتظّ الوادي بثجيجه فلسمعت شيخان قريش وجلّتها عبد الله بن جدعان وحرب بن أمية ، وهشام بن المغيرة يقولون لعبد المطلب : هنيئا لك أبا البطحاء ، أي عاش بك أهل البطحاء.
وفي ذلك تقول رقيقة :
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا |
|
وقد فقدنا الحيا واجلوّذ المطر |
فجاد بالماء جونيّ (١) له سبل |
|
سحّا فعاشت به الأنعام والشجر |
منّا من الله بالميمون طائره |
|
وخير من بشّرت يوما به مضر |
مبارك الأمر يستسقى الغمام به |
|
ما في الأنام له عدل ولا خطر |
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أبو القاسم بن أبي حيّة ، نا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون مولى المسور ، عن مخرمة بن نوفل قال (٢) :
لما لحقنا بالشام أدركنا رجل من جذام ، فأخبرنا أن محمّدا قد كان عرض لعيرنا في بدأتنا وأنه تركه مقيما ينتظر رجعتنا ، قد حالف علينا أهل الطريق ، ووادعهم.
قال مخرمة : فخرجنا خائفين نخاف الرصد ، فتبعنا ضمضم بن عمرو حين فصلنا من الشام.
وكان عمرو بن العاص يحدّث يقول : لما كنّا بالزرقاء (٣) ـ والزرقاء بالشام ناحية معان من أذرعات على مرحلتين ـ ونحن منحدرون إلى مكة ، لقينا رجلا من جذام ، فقال : قد كان عرض لكم محمّد في بدأتكم (٤) ، فذكر الحديث بطوله.
__________________
(١) بالأصل : «حولى» وغير مقروءة وإعجام ناقص في م و «ز» ود ، والمثبت عن ابن سعد.
(٢) رواه الواقدي في مغازيه ١ / ٢٨.
(٣) راجع معجم البلدان ٣ / ١٣٧.
(٤) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : «ندائكم» وإعجامها مضطرب في م ود ، والمثبت غن مغازي الواقدي.